وصف السفير الصيني لي مينغ قانغ سمو أمير البلاد بأنه رجل دولة فريد يتمتع برؤية وبصيرة نافذة.
وقال قانغ في لقاء صحافي إن الكويت أول دولة توقع معنا وثيقة تعاون بشأن مبادرة «الحزام والطريق» الصينية.
وأشار إلى أن تعاون البلدين في هذا المجال تحول الى شراكة استراتيجية بزيارة سمو أمير البلاد إلى بكين في يوليو من العام الماضي ولقاء سموه مع الرئيس الصيني شي جين بينغ.
وبيّن أن هذه الشراكة بين البلدين تضمن التنمية المعمقة للعلاقات الثنائية على مستوى أعلى، مشددا على ان بلاده ستصبح بفضل ذلك شريكاً مثالياً للكويت وستساعد في تعزيز مجالات التصنيع.
وحول مجالات التعاون بين البلدين، أكد السفير الصيني أن تعاون بلاده مع الكويت دخل المسار السريع، معللاً الإقبال الواسع على مبادرة «الحزام والطريق» بأنها تنبذ قانون الغاب ولا تسعى إلى الهيمنة، بل تفتح طريقاً جديداً إلى التنمية الحضارية وبناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية.
ومضى قانغ قائلاً: سنعمل معاً على تعزيز التضافر بين مبادرة «الحزام والطريق» و«رؤية الكويت 2035».
وتابع: سنضع أمام الكويت تجاربنا وخبراتنا في بناء المناطق الاقتصادية والتجارة الحرة للمساهمة في انجاز مشروع «الحرير والجزر»، مؤكداً استعداد بلاده لتقديم دعم قوي للكويت في مجال تنفيذ خططها التنموية ومشاريعها المستقبلية الطموحة.
وفي ما يلي تفاصيل اللقاء:
عقدت الدورة الثانية من منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي في بكين بين 25 و27 أبريل الماضي. وقد وقعت 126 دولة و29 منظمة دولية وثائق تعاون متعلقة بمبادرة الحزام والطريق مع الصين. وتجاوز إجمالي حجم التجارة بين الصين والبلدان الأخرى المشاركة في المبادرة 6 تريليونات دولار، وتجاوزت استثمارات الصين في هذه الدول 80 مليار دولار. هل لكم أن تحدثنا عن الهدف الأساسي والأهمية الرئيسية لمبادرة الحزام والطريق التي طرحتها الصين عام 2013؟
ــــ في أكتوبر 2013، ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ خطابا مهماً في البرلمان الأندونيسي خلال زيارته لهذا البلد، وطرح فيه بناء «طريق الحرير البحري» للقرن الحادي والعشرين. وقبل فترة وجيزة من ذلك، طرح الرئيس شي للمرة الأولى بناء «حزام طريق الحرير الاقتصادي» في استانا، عاصمة قازاقستان، ليشكلا معا مبادرة «الحزام والطريق». في ذلك الوقت، كنت أعمل في الوفد الصيني لدى الآسيان (رابطة دول جنوب شرق آسيا) في جاكرتا، التي تمثل الهدف الأساسي في تنمية عملية التكامل بينها في تعزيز الربط البيئي، الأمر الذي يتوافق بدرجة كبيرة مع أهداف مبادرة «الحزام والطريق». ولذلك لاقت مبادرة «الحزام والطريق» بمجرد طرحها استجابة إيجابية من دول الآسيان.
وبعد ذلك، ذهبت إلى تايلند للعمل هناك وشهدت عملية البناء المشترك لـ «الحزام والطريق» بين الصين ودول الآسيان من لا شيء إلى النضج تدريجياً.
ومنذ أن توليت مهام عملي كسفير للصين لدى الكويت قبل بضعة أشهر، شعرت من جهة اخرى بحماس منطقة الشرق الأوسط، لمبادرة «الحزام والطريق» وفي الوقت الحالي، تختار بلدان الشرق الاوسط التوجه شرقاً وتسعى لتحقيق التضافر بين استراتيجياتها التنموية والمبادرة الصينية، وقد طرح أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، رجل الدولة ذو الرؤية وبعد البصيرة «رؤية الكويت 2035» واختار الصين كشريك مهم في عملية استكشاف الاصلاحات وتعزيز التعاون الدولي، ودفع التضافر بين «رؤية الكويت 2035» والمبادرة الصينية لتصبح الاتجاه العام الرائد للتعاون الصيني الكويتي في العصر الجديد.
أما بشأن القبول الواسع الذي لاقته مبادرة «الحزام والطريق» فالسبب الأساسي وراء ذلك يكمن في أن هذه المبادرة تنبذ قانون الغاب، ولا تسعى الى الهيمنة، وتتجاوز لعبة المعادلة الصفرية، وتفتح طريقاً جديداً للتنمية الحضارية مع التمسك بالتناقش والتشارك والتقاسم، وهو نوع من الممارسة الرائعة لبناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية.
وقد قام كل من يانغ جيه تشي عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية باللجنة المركزية للحزب، ووانغ يي عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني، قاما بعرض ما تم في البناء المشترك لمبادرة «الحزام والطريق» بين الصين ودول اجنبية على مدار الاعوام الستة الماضية، كما اصدر المكتب الاعلامي لمجلس الدولة الصيني تقرير «البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق: التقدمات والمساهمات والآفاق» ليضم قائمة النتائج التي تحققت بعد طرح المبادرة.
وتحدوني الثقة بأنه مع انعقاد الدورة الثانية من منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي، ستنضم المزيد من الدول الى بناء مبادرة «الحزام والطريق» وستعود المزيد من الفوائد الملموسة على البلدان على طول الحزام والطريق.
مشروع الحرير
هناك توافق بين «رؤية الكويت 2035» ومبادرة «الحزام والطريق».. ومشروع «مدينة الحرير والجزر» هو نقطة تحقيق التضافر بينهما. من وجهة نظركم ما نقاط التوافق أو التقارب بينهما؟ وهل يمكنكم شرح موقف الصين الأساسي وهدف التعاون في عملية التضافر؟ وكيف يمكن أن تحقق الصين والكويت فوائد متبادلة من تعاونهما في مشروع «مدينة الحرير والجزر»؟
ــــ أيدت قيادة الكويت بشدة مبادرة «الحزام والطريق» واستجابت لها بشكل فاعل. وفي يونيو 2014، أصبحت الكويت أول دولة في العالم توقع وثيقة تعاون متعلقة بالمبادرة الصينية، ويرى الجانبان أن مبادرة «الحزام والطريق» الصينية و«رؤية الكويت 2035» الرامية الى تحويل البلد الى مركز مالي وتجاري عالمي، تتوافقان الى حد كبير وهما شريكان طبيعيان في بناء «الحزام والطريق» ويقدر الجانب الكويتي ما تقدمه الصين من تكنولوجيا متقدمة وخبرات في بناء المناطق الاقتصادية الخاصة، حيث أكد النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ ناصر الصباح أن الصين «شريك استراتيجي» في مشروع «مدينة الحرير والجزر» وقد صرح مجلس الوزراء بأن الجانب الكويتي سيتعلم من التجربة الصينية في تطوير المشروع، كما أكد نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجارالله في مقابلة مع الصحافيين قبل بضعة أيام أن «الصين قوة عظمى ذات امكانيات غير محدودة، وأي شكوك حول قدرة الصين تفتقر الى الواقع والمنطق».
والآن يعمل الجانب الكويتي بنشاط على تعزيز العمل التشريعي لمشروع «مدينة الحرير والجزر» الذي يرتبط بالوضع الشامل لبناء مشروع «مدينة الحرير والجزر» وهو ما يعد أيضاً خطوة مهمة بالنسبة إلى الكويت لاستكشاف الاصلاح والتطوير، وتحدونا الثقة بأنه تحت توجيهات أمير الكويت ستتمكن الكويت من ايجاد نموذج لبناء وتطوير المشاريع مناسب لظروفها الوطنية، وفي هذه العملية يعرب الجانب الصيني عن استعداده لتقديم دعم قوي للجانب الكويتي.
التواصل بين قلوب الشعبين يعد أحد الأسس الثابتة للعلاقات الثنائية، فكيف يمكن للجانبين ــــ من وجهة نظركم ــــ أن يعملا على دفع التواصل بين قلوب الشعبين؟ بالإضافة الى وجود الانطباع المتمثل في ان الصين قوية اقتصادياً وقوية صناعياً، فما الانطباعات الاخرى التي تريدون تركها لدى الشعب الكويتي؟
لقد التقيت الكثير من مسؤولي الحكومة الكويتية منذ وصولي الى هنا قبل اربعة اشهر، وزرت الكثير من المنظمات المحلية، وادركت بعمق حماسة جميع الفئات في تطوير العلاقات مع الصين، خصوصاً الناس العاديين الوديين في الكويت، فهم متشوّقون لفهم جميع جوانب الصين بشكل كامل في العصر الجديد.
ومن اجل تعزيز التواصل بين قلوب الشعبين، عملنا على تشجيع كثير من الفرق الفنية الصينية على تقديم عروض في الكويت، خلال السنوات الاخيرة، ما ساهم في تعزيز التفاهم والصداقة بين الشعبين. كما انه منذ عام 1976، أرسلت الحكومة الصينية، بشكل دوري، فريقا طبيا الى الكويت كل عامين لتقديم العلاجات بالطب الصيني التقليدي، مثل الوخز بالإبر والتدليك، وهذه هي الفرق الطبية الوحيدة التي أرسلتها الحكومة الصينية الى منطقة الخليج، وقد لاقت ترحيبا من الكويتيين. (شينخوا)
40 شركة صينية
تطرّق السفير تانغ إلى وجود أكثر من 40 شركة صينية في البلاد، تعمل في مجالات النفط والبنية التحتية والاتصالات والخدمات المصرفية، وغيرها.
وقال: في الأعوام الستة الماضية، يعمل «جيش البناء» الصيني على مشاريع عدة، في مجال البناء بالكويت، مثل مشروع المرافق الإدارية لجامعة الكويت، ومشاريع الحفر وبناء الطرق، ومحطة الغاز الطبيعي المسال.. إلخ.
وأضاف: حتى نهاية 2018، بلغ عدد مشاريع المقاولات الهندسية التي تنفّذها الشركات الصينية في الكويت 120 مشروعاً. ويظهر في العملة من الطبعة السادسة لفئة 5 دنانير مبنى المقر الرئيس الجديد للبنك المركزي الكويتي، وهو مبنى يمثل معلماً، وقد قامت ببنائه مجموعة هندسة البناء الحكومية الصينية المحدودة.
وفي مواقع تشييد الطرق الدائرية الخامس والسادس والسابع في الكويت، يعمل كثير من المهندسين والعمال الصينيين، وهم يتصبّبون عرقاً وسط بيئة طبيعية قاسية، ما يبرز القوة الصينية الاستثنائية في مجال البناء، والتي تساهم في عملية تعزيز التنمية الاقتصادية، والاجتماعية للبلاد.
شراكة إستراتيجية
في يوليو من العام الماضي، اتفقت الصين والكويت على إقامة شراكة إستراتيجية بينهما لضخ قوة دفع جديدة في العلاقات الثنائية، وفتح آفاق جديدة في العصر الجديد. فما توقّعاتكم لآفاق التعاون بين البلدين؟ وما الفوائد التي يعود بها التعاون الثنائي عليهما؟
ــــ تعد الكويت أول بلدان الخليج العربية التي تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين. وقد سار التعاون الثنائي بينهما على المسار السريع خلال السنوات الأخيرة، في إطار البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق. وفي شهر يوليو من العام الماضي، زار سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الصين، والتقى الرئيس الصيني شي جين بينغ، واتفقا على إقامة شراكة استراتيجية بين البلدين، وهي شراكة تعكس الإمكانات الكبيرة والإرادة القوية للبلدين في تعزيز التعاون، وتتوافق مع المصالح المشتركة للشعبين، وستوجّه وتضمن التنمية المعمقة للعلاقات الثنائية على مستوى أعلى، وتقود البلدين إلى تحقيق المزيد من النتائج، في إطار البناء المشترك لمبادرة «الحزام والطريق».
والآن، يتمثّل الهدف الرئيس للتنمية الاقتصادية الكويتية في تطوير الصناعات غير النفطية، ودفع إعادة الهيكلة الصناعية، وتحقيق التنوّع الاقتصادي. لقد تطور الاقتصاد الصيني ليبلغ فترة ناضجة من التصنيع، مع وجود كمية كبيرة من الطاقة الإنتاجية العالية الجودة والتكنولوجيا الناضجة المتاحة لتستفيد منها الكويت. ويمكن للجانبين أن يتكاملا بعضهما مع بعض، بشكل كامل لتعميق التعاون العملي في شتى المجالات.
ويمكن للصين أن تجمع بين قوتها الوطنية الشاملة وقوتها الصناعية وتجربتها الغنية في بناء مناطق اقتصادية، خاصة للمشاركة بنشاط في مشاريع رئيسة للتنمية الكويتية، مثل تطوير وبناء «مدينة الحرير والجزر»، والموانئ، والسكك الحديدية، والطاقة، والإسكان.. إلخ، وكذا تعزز التعاون الثنائي في استكشاف موارد الطاقة التقليدية، مثل النفط والغاز، وفي العمل بنشاط على تعميق التعاون في مجال الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية، فضلاً عن التعاون المالي.
ومع توفير المعدات والتكنولوجيا التي يحتاجها الجانب الكويتي، يمكن للصين أيضاً تقديم دورات تدريبية للموظفين الكويتيين وتوفير الدعم المالي اللازم. وهناك ثقة بأن الصين ستصبح شريكاً مثالياً للكويت وستقدم مساعدة مخلصة لبناء وتطوير البلاد في عملية تعزيز التصنيع في الكويت.
وفي المرحلة التالية، ستغتنم الصين والكويت الفرصة الجميلة المتمثلة في البناء المشترك لمبادرة «الحزام والطريق» لتنمية نقاط نمو جديدة للتعاون الاقتصادي والتجاري، وتوسيع التعاون العملي بشكل مستمر في مختلف المجالات، وتنفيذ التوافق ذي الاهتمام المشترك الذي توصل إليه قادة البلدين، وتعزيز التضافر بين مبادرة «الحزام والطريق» و«رؤية الكويت 2035». وتحدونا الثقة بأنه في المرحلة المستقبلية، سيحقق الجانبان مزيداً من التقدم في التعاون العملي في شتى المجالات في إطار المبادرة، وسترتقي الشراكة الاستراتيجية الصينية الكويتية إلى مستوى جيد.