يارا بادوسي تكتب : الأسعار ترتفع لأننا نرفعها!

نبض البلد -
يارا بادوسي
في كل عام مع اقتراب شهر رمضان، تعج الأسواق بالمواطنين وتمتلئ عرباتهم بكل ما تقع عليه أعينهم، وكأن الشهر الفضيل سيستمر لعام كامل! فهذا المشهد لا يمثل الحركة الشرائية المطلوبة التي تدعم الاقتصاد بل هي حركة انعاشية فجائية و"غير طبيعية" ربما تتسبب بأعراض جانبية على الاقتصاد بشكل أعمق، وتزيد من حدة التضخم وتضغط على القدرة الشرائية للمواطنين.
فالتضخم، هو الارتفاع المستمر في الأسعار مع انخفاض القدرة الشرائية، في حين أن التضخم غالبًا ما يكون مرتبطًا بعوامل اقتصادية كارتفاع تكاليف الإنتاج أو نقص المعروض، إلا أن سلوك المستهلكين نفسه قد يكون أحد أسبابه، خاصة عند التهافت غير المبرر على الشراء.
والنتيجة هي ازدحام شديد، وارتفاع في الأسعار، وإنفاق كبير يرهق الميزانيات، ثم بعد ذلك يجد المواطن أن الكثير من السلع التي تم شراؤها لم تكن ضرورية.
وما يلبث أن ينتهي المواطن من بعثرة مصروفاته ما بين التزامات الشهر الفضيل والعيد حتى يجد نفسه يصطدم بسداد الالتزامات الأساسية وتبدأ سلسلة من التقصير ما يثقل جيبه ويسبب خللًا في الاقتصاد.
فعلى الرغم من تكرار المشهد كل عام يشتكي المواطنون من ارتفاع الأسعار قبل رمضان، لكن الحقيقة أن هذا الارتفاع لا يحدث من تلقاء نفسه، بل نحن من نتسبب فيه.
فالأسواق قائمة على قانون "العرض والطلب"، وعندما يزداد الطلب بشكل مفاجئ على السلع الأساسية، يزداد العرض وبالتالي ترتفع الأسعار تلقائيًا، وهي حالة اقتصادية طبيعية.
وبشكل فعلي ليس هناك أزمة سلع، لكن سلوك الشراء العشوائي هو الذي يخلق حالة من الندرة الوهمية، ويدفع الأسعار إلى الارتفاع.
ويجب على المواطن أن يقوم بتوزيع مشترياته على فترة أطول قبل رمضان، والشراء وفق الحاجة الفعلية، وليس بدافع العادة أو الخوف من نفاد السلع، والتخطيط المسبق بهذه الحالة والهدوء في التسوق لا يساعد فقط في ضبط الميزانية، بل يسهم في استقرار الأسعار ويمنع التجار من استغلال الارتفاع المفاجئ في الطلب.
المواطن عندما يشتكي من ارتفاع الأسعار، فعليه أولًا أن يدرك أن بعض هذه الارتفاعات المواطن نفسه يساهم في صنعها.
والحل ليس بيد الحكومة وحدها، بل يبدأ من وعي المستهلك، لأن الأسواق تتأثر أولًا وأخيرًا بسلوك المواطن الشرائي.
ويجب أن نعي تمامًا أن رمضان شهر البركة، فلماذا نحوله إلى شهر التهافت والإنفاق غير المدروس؟