أكد عدد من صنّاع الأفلام العالميين أن
صناعة الأفلام الوثائقية تعد من أبرز الأدوات التي يمكن أن تساهم في إحداث التغيير
الاجتماعي من خلال تسليط الضوء على القضايا الإنسانية الملحة وتحفيز العمل
المجتمعي.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية ضمن فعاليات المهرجان الدولي للتصوير "اكسبوجر
2025"، حملت عنوان "صناعة الأفلام من أجل التغيير: وثائقيات تصنع
الفارق"، وشارك فيها كل من المخرج ريك سولمون، والمصور دينيس شيملز، والمخرج
جيروم بين.
مشاركة المعرفة وتسليط الضوء على القضايا الإنسانية
وأكد
المخرج ريك سولمون أن الهدف من صناعة الأفلام الوثائقية يكمن في مشاركة المعرفة
وتسليط الضوء على قضايا قد تكون غائبة عن الكثيرين. وأوضح أن الأفلام الوثائقية
تتيح له تكثيف المعلومات التي يكتسبها في رحلاته الميدانية وتقديمها لجمهور أوسع
بطريقة بصرية قادرة على التأثير. وأضاف: "نحن نصنع أفلامًا تكشف للناس أشياءً
معينة. فكل واحد منا في رحلة تعلم مستمرة، ويسعى لمشاركة هذه المعرفة مع أكبر عدد
ممكن".
من الجمال إلى القضايا الاجتماعية
بدوره، أوضح دينيس شيملز أن تصوير الأماكن التي
يزورها لا يقتصر فقط على استعراض الجمال، بل يشمل تسليط الضوء على المشكلات
الاجتماعية التي تواجهها المجتمعات في تلك الأماكن. وأكد أنه يحرص دائمًا على أن
تكون أعماله الوثائقية بمثابة منصة لعرض الحلول الممكنة لهذه القضايا.
لحظة التحول في مسيرة جيروم بين
من جانبه، استعرض المخرج جيروم بين تجربته
الشخصية التي شهدت تحولًا كبيرًا في مسيرته المهنية، خاصة أثناء توثيقه لأزمة
اللاجئين في رواندا والكونغو. وقال: "عندما كنت في شرق الكونغو بعد الإبادة
الجماعية في رواندا، أدركت أن عملي يمكن أن يكون له تأثير عميق… كان الوضع صعبًا
للغاية، ورأيت الكثير من الناس يموتون من الجوع والمرض، فقررت أن أضع الكاميرا
جانبًا وأساعد فرق الإغاثة، لكن سرعان ما أدركت أن دوري هو توثيق ما يحدث كصحفي،
وليس كمنظمة إنسانية".
التحديات في الحفاظ على النزاهة
والموضوعية
وفيما يتعلق
بالحفاظ على النزاهة في السرد القصصي، أكد ريك سولمون أن الموضوعية تعد تحديًا
كبيرًا في صناعة الوثائقيات، وأوضح أنه لا يوجد موضوعية مطلقة في أي عمل وثائقي،
بل يختار المخرج دائمًا زاوية معينة للعرض. وقال: "في بعض الأحيان تفتقر
الوثائقيات إلى التوازن بين الحقائق والعواطف، لذلك نحرص على تصفية المعلومات
والتركيز على العناصر الأكثر أهمية للحفاظ على تفاعل الجمهور مع القصة".
القضايا المنسية والتمويل: تحديات
حقيقية
وتحدث جيروم
بين عن التحديات التي يواجهها صناع الأفلام في جذب الاهتمام إلى قضايا غير رائجة
إعلاميًا مثل الحروب المنسية في الكونغو، وأكد أن إقناع المنتجين بتمويل مثل هذه
المشاريع يعد تحديًا كبيرًا. وقال: "من الصعب إقناع المنتجين بتمويل أفلام
وثائقية عن القضايا المنسية، ولكن هذا جزء من مسؤوليتنا، وعلينا دفعهم للحديث عن
هذه القضايا، لأنها تمس حياة ملايين الأشخاص الذين لا صوت لهم".
التمويل والبدائل: دينيس شيملز
وجيروم بين
وفيما يتعلق
بتمويل الأفلام الوثائقية، أوضح دينيس شيملز أنه يعتمد على مزيج من التمويل الذاتي
والعمل مع العملاء لتنفيذ مشاريعه، مشيرًا إلى أنه يستغل الفرص التي يتيحها عمله
التجاري لتوثيق تجاربه الشخصية. من جانبه، انتقد جيروم بين تفضيل الإعلام التقليدي
للبرامج الترفيهية على الأفلام الوثائقية الجادة، موضحًا أن البحث عن بدائل مثل
المنصات الرقمية قد يكون السبيل لمواصلة إنتاج الأفلام ذات التأثير الحقيقي.
المنصات الرقمية وتأثيرها في صناعة
الأفلام الوثائقية
في ختام
الجلسة، ناقش المشاركون دور منصات مثل يوتيوب في تغيير المشهد الإعلامي لصناعة
الأفلام الوثائقية. وأوضحوا أن هذه المنصات تتيح المزيد من الفرص للأصوات المستقلة
للوصول إلى جمهور أوسع، وأشاروا إلى التحديات التي تفرضها مثل مسألة التمويل وضمان
وصول المحتوى إلى أكبر عدد من المشاهدين.