بهدوء
عمر كلاب
أى آلة مصمَّمة لغرض معين تظل صالحة لخدمة هذا الغرض, طالما أنها مصممة بشكل صحيح، أي لا يوجد فيها عيب مصنعي، ولكن من الوارد أن تعجز الآلة عن العمل رغمًا عن سلامة تصميمها, إذا حدث أن قرر القائمون عليها إساءة استخدامها، وهذا هو ما يسمى عيب استخدام .
الديمقراطية ماكينة، والترتيبات المؤسسية المرتبطة بها تجعلها تنجح إذا التزمنا بقيمها وإجراءاتها وعملياتها, ويبقى السؤال ماذا لو أن خللًا ما حدث في هذه الآلة, من باب اللئامة أو من باب عدم المعرفة أو من باب الغفلة, والثلاثة حاضرة في مجتمعنا وفي دوائر صنع القرار الفكري والسياسي, طبعًا سنخسر وتتراكم الخسائر بالضرورة.
للأسف هذا حالنا في التعامل مع الشباب, وحالنا في التعامل مع قضايا كثيرة, لكن بما أن المناسبة هي تشكيل لجنة, لتنظيم فعاليات عمان عاصمة الشباب العربي, اطرح المثال, فنحن دوما نلجأ إلى تشكيل اللجان وباقي التشكيلات سواء الحكومية أو مجالس الإدارة أو الفريق الوزاري, بنفس الطريقة وننتظر نتائج مختلفة.
القراريتضمن تشكيل لجنة برئاسة وزير الشباب، وعضوية كل من: وزير الاتصال الحكومي، ووزير السياحة والآثار، ووزير الداخلية، ووزير الثقافة، وأمين عمان؛ للقيام بالمهام الإدارية والتنظيمية للفعاليات والأنشطة المزمع إقامتها في المملكة واتخاذ القرارات والإجراءات التنفيذية اللازمة لضمان إنجاحها بالشكل الأمثل, وتحديد الخامس من تموز, ليكون يوم الشباب العربي.
لن اسأل أين الشباب في اللجنة, ومن افترض أن الذوات أعضاء اللجنة يعرفون الشباب وطموحهم ورغباتهم في عامهم ويومهم؟ فمثلًا من حقي أن أسأل أين وزير التعليم والتعليم العالي, الذي تتعامل وزارته مع الشباب الجامعي والمدرسي؟ أين مثلًا قادة العمل الشبابي في الأحزاب, أين أعضاء اتحادات الطلبة في الجامعات؟ وأين وأين.
لماذا غاب عن اللجنة مثلًا, شبابنا المغترب الذي حقق نجاحات ملفتة؟ اليسوا نموذجًا للنجاح نحتاج أن نقدمه لشباب على حافة الاحباط واليأس, يتندرون علينا في كل قرار, كيف سنحلق نخبة جديدة, ونحن نعيد استنساخ واستزراع كل الأدوات القديمة التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه من وهن وضعف بنيوي؟
نحن بحاجة إلى إعادة إنتاج طرائق تفكير جديدة, وإنتاج نخب جديدة, وهذا لن يتأتى بنفس الأدوات القديمة, التي تعاني من خلل مصنعي ومن سوء استخدام أيضًا, سيقول مصدر رسمي غدًا, أن هذه مطروحة على أجندة اللجنة العليا, التي ستقوم بتشكيل لجان مساندة أو فرعية, ولكنني أقول العنوان العريض منقوص وباهت ومكرور, وهذا لن يمنح الشباب وأنصارهم رسالة تفاؤل.
أسأل الله أن يُجنبنا التكرار والاجترار, وأن يحمي الأردن من "بعضنا".