نبض البلد - بقلم: الدكتور وليد الرواضية
ليس يوماً عاديًّا ذاك الذي يُرفع فيه علم الأردن، بل هو يوم تتجدد فيه العهود، وتُترجم فيه المشاعر الوطنية إلى مشاهد مهيبة، تخفق فيها القلوب قبل الرايات، وتزهو الأرواح قبل الشوارع. يوم العلم الأردني هو مناسبة تتجاوز البروتوكول، لتُعلن على الملأ أن الانتماء لهذا الوطن ليس خياراً، بل فطرةً تربينا عليها، وهواءً نتنفسه، وتاريخًا نحمله على أكتافنا بكل شرف.
في هذا اليوم، خرج الأردنيون من أقصى الشمال إلى أعماق الجنوب، من السهول إلى الصحارى، رجالاً ونساء، شيوخًا وأطفالاً، كأنهم جسد واحد، قلب واحد، صوت واحد... يردد: "هذا علمنا... وهذه أرضنا... وذاك ملكنا الذي نحبه ونفديه". لم تكن الرايات مجرد قماش يعلو الأبنية، بل كانت بيانًا وطنيًا صادقًا، كتبه الشعب بدمه ودمعه ونبضه.
يوم العلم كان رسالة وطنية عميقة لمن يظن أن الأردن واحة رخوة يمكن العبث بأمنها واستقرارها. الرسالة وصلت واضحة: هنا شعب أقسم ألا يفرّط، وأن يبقى سيفًا مشرعًا في وجه كل من تسوّل له نفسه المساس بسيادة وطنه. الأردنيون لا ينتظرون التعليمات ليعبروا عن انتمائهم، فهم أبناء وطن يعلّمهم التاريخ أن الكرامة لا تُشترى، وأن الراية التي ارتوت بدماء الشهداء لا تُنزل عن السارية.
من يشاهد احتفالات الأردنيين في البوادي والمخيمات، في القرى والمدن، يدرك حجم الحب المتجذر في النفوس، ويُدرك أن الأردني لا يساوم على وطنه، ولا يتردد لحظة إذا نادى المنادي.
إنه يوم العهد والوفاء... يوم تجديد البيعة والانتماء. علم الأردن ليس قطعة قماش ترفرف، بل هو قصة شعب، ومسيرة ملك، وهوية أمة لا تنحني، وكرامة وطن لا يفرّط بها.
عاش الأردن، عاش العلم، وعاشت القيادة الهاشمية رمز الحكمة والشرعية، وعاش الشعب الأردني منبع الكبرياء ومصدر الصمود.