الاردن والامن السيبراني: الواقع والتحديات

نبض البلد -

أ.د مخلد سليمان الطراونه

في ظل التوسع الرقمي المتسارع وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا في جميع مناحي الحياة، أصبح الأمن السيبراني قضية ذات أولوية وطنية . حيث تعمل المملكة على تعزيز بنيتها التحتية السيبرانية وحماية بياناتها وأنظمتها من التهديدات الإلكترونية المتزايدة. ومع ذلك، لا تزال تواجه مجموعة من التحديات التي تتطلب جهودًا متواصلة لضمان بيئة رقمية آمنة.وهنا لابد من الاشارة الى بعض من هذه التحديات تستدعي تبني استراتيجيات فعالة واتخاذ إجراءات استباقية لضمان بيئة رقمية آمنة، حيثسنستعرض أبرز التحديات التي تواجه الأردن في مجال الأمن السيبراني، ومحاولة تقديم حلولًا عملية لمعالجتها. فيُعد نقص الكوادر المؤهلة والمتخصصة في مجال الأمن السيبراني أحد التحديات الرئيسية التي تعيق تطوير أنظمة أمنية متقدمة ومواجهة التهديدات الإلكترونية. الا ان زيادةالاستثمار في برامج التعليم العالي والتدريب المتخصص في الأمن السيبراني، و تقديم المنح دراسية والحوافزالتشجيعية للطلابالمتفوقين للتوجه لهذا التخصص وبناء الشراكات في هذا المجال مع القطاع الخاص لتوفير فرص تدريبية وعملية للخريجين سيحد من النقص في الكوادر المؤهلة.ولتجاوز زيادة التهديدات الالكترونية حيث شهدت الاردن مؤخرا تزايدا في الهجمات السيبرانية وانتشار البرمجيات الخبيثة والتصيد الاحتيالي وهجمات الفدية مما يستدعي تحديث الانظمة الامنية باعتماد تقنيات حديثة ومراجعة دورية للانظمة الامنية وفرض سياسات امنيةمقيدة ولابد في هذا الجانب من استخدام وتوظيف الذكاء الاصطناعي لاكتشاف التهديدات والاستجابة لها بالسرعة المطلوبة. ولابد من الاشارة والتأكيد على تبادل المعلومات والخبرات مع المنظمات الدولية لمكافحة التهديدات الالكترونية من باب تعزيز التعاون الاقليمي والدولي في هذا المجال مع التركيز على ان تكون الاردن نواة للمنظمة العربية للتعاون في الامن السيبراني.

نحن بحاجة لاعادة مراجعة وقياس اسباب ضعف الوعي المجتمعي وتحديث التشريعات الناظمة لبيئة الامن السيبراني في المملكة والتشدد في تعزيز العقوبات على الجرائم الالكترونية التي تستهدف القطاعات المختلفة الرافدة للاقتصاد الوطني، كل ذلك يتطلب التوسع في حملات التوعية وبرامج التدريب المجتمعية واستخدام وسائل الاعلامومواقع التواصل الاجتماعي لنشر التوعية السيبرانية في المجتمع الاردني. اما حماية البنية التحتية الحيوية مثل الطاقة والمياه والاتصالات وقطاعات التعدين المكونة للبعد الرابع للامن الوطني والمعرضة للهجمات الالكترونية فذلك يتطلب تعزيز الأمن من خلال تطبيق معايير أمنية عالية على البنية التحتية الحيوية، وتطبيق خطط طوارئ ذات الاستجابة السريعة للتعامل مع هذه الهجمات مع التركيز علىتأهيل العاملين في هذه القطاعات للتعامل مع التهديدات السيبرانية.

ان الزيادة في الاعتماد على الخدمات الرقمية يوجب الاهتمام وحماية البيانات الشخصية والتأكيد على التطبيق الحاد لقانون حماية البيانات, وتشجيع الاستخدام الامثل للتشفير وتقنياته لحماية البيانات اثناء نقلها وتخزينها, ولا بد من تبني سياسات الاعتماد السيبراني ومراقبة الامتثال ولتناط هذه المهمة الوطنية بالمركز الوطني للامن السيبراني لمراقبة التزام المؤسسات على السواء في القطاعين العام والخاص بالبنى التحتية وقوانين حماية البيانات والالتزام بالاطار الوطني المتوافق مع الاطارات الدولية ومعاييرها ولا ضير من تبني معايير اردنية وبمواصفات متشددة في هذا الجانب. خلاصة القول انتبني استراتيجيات شاملة لتعزيز التعليم والتدريب، زيادة الوعي المجتمعي، تحديث التشريعات، وتأمين البنية التحتية الحيوية و باتباع هذه الإجراءات، يمكن للأردن بناء بيئة رقمية آمنة تدعم نموها الاقتصادي والاجتماعي في عصر التحول الرقمي. الأمن السيبراني ليس مجرد قضية تقنية، بل هو عنصر أساسي في تحقيق الأمن القومي والاستقرار الاقتصادي.