مبادرة نون للكتاب تتأمل رواية "المهندس" لسامر حيدر المجالي

نبض البلد -

عمّان – عقدت مبادرة نون للكتاب جلستها الحوارية الخامسة والثلاثين لمناقشة رواية "المهندس" للروائي والباحث الأردني سامر حيدر المجالي، مساء السبت الثامن من نوفمبر 2025 في مكتبة عبد الحميد شومان بجبل عمّان. أدار الجلسة الناقد أسيد الحوتري، وقدمتها القاصة حنان الباشا، فيما قدمت القراءة النقدية الناقدة دارين الدويك.

استهلت الدويك الجلسة بتوضيح الفرق بين النقد والانتقاد، قبل أن تتناول الرواية بالتحليل مركزة على جدلية المادة والروح بوصفهما محورين رئيسيين في العمل. ورأت أن مشهد الطبيب النفسي يجسد صوت العقل المهندس، بينما يعكس مشهد العائلة حضور العاطفة والسلام الداخلي. كما أشارت إلى مشهد المصعد الذي يرمز إلى التردد بين السماء والأرض، أي بين الروح والمادة، معتبرة أن شخصية الشيخ خالد تمثل الروح، في حين يجسد محمد عزام عالم المادة.

وعلى الصعيد السردي، اعتمدت الرواية أسلوب السرد التناوبي الذي أتاح تعدد الأصوات والرؤى تجاه أولوية المادة أو الروح. ووصفت الدويك اللغة الروائية بأنها شفافة وشاعرية، مشبعة بالمفردات الصوفية في المشاهد الروحية، بينما اتسمت بالدقة والمباشرة في المشاهد المادية التي غلبت عليها الأرقام والحسابات والحوار اليومي. وأكدت أهمية تعدد الساردين في إثراء التجربة الفنية وتوسيع أفق القراءة.

وتناول النقاش بين الحضور محورين أساسيين. تمثل الأول في تعامل الكاتب مع عتبات النص، حيث رأى المشاركون أن المجالي تخلص من معظمها، فغابت المقدمات والإهداءات والتصديرات والفهارس والهوامش، مما يعكس توجهه نحو البساطة والوضوح في الشكل والبناء، مستلهماً ملامح عمّان القديمة وبساطتها العمرانية. كما اعتبروا أن هذا الاختيار أسهم في مفاجأة القارئ وتشويقه للحكاية عن طريق هدم أفق توقعاته، إذ أدخله الكاتب مباشرة إلى قلب الحكاية من دون مقدمات.

وأشار الحضور إلى أن غلاف الرواية جاء متسقاً مع هذا التوجه، إذ اكتفى بواجهة صفراء تتوسطها خط متعرج بسيط يرمز إلى المادة وأربع دوائر بيضاء ترمز الروح أو أبعاد الفضاء المعماري، فيما اتسم العنوان بالاختصار والدلالة المباشرة بكلمة واحدة هي "المهندس". وبهذا التكوين، انسجم الشكل الخارجي للرواية مع مضمونها الذي يحتفي ببساطة الحياة في عمّان القديمة، جامعاً بين المعمار المادي والرؤية الفلسفية.

أما المحور الثاني فتمحور حول فلسفة الحياة في الرواية، حيث أكد الحضور أن الكاتب لم ينشغل بهندسة المباني فحسب، بل حاول هندسة الذات الإنسانية من الداخل، داعياً إلى تحقيق التوازن بين المادة والروح، والمحافظة على الحيوية النفسية عبر الاعتدال والوعي بتعدد الخيارات. كما أشار إلى تمييز المجالي بين المغامرة والمقامرة في مواجهة تحديات الحياة، ولا سيما في القرارات المالية والمهنية.

وتوقفت المناقشة عند شخصية المهندس فراس الذي غلب الجانب المادي على اهتمامه الروحي، ما قاده إلى اضطراب داخلي وانهيار نفسي جعله يقف على حافة السقوط المعنوي والمادي في آن واحد.

وفي ختام الجلسة، وجهت مبادرة نون للكتاب الشكر إلى مكتبة عبد الحميد شومان على استضافتها، وتم تكريم المشاركين والتقاط صورة جماعية.