نبض البلد -
بقلم الأساتذة محمود درويش نضال الهندي
من يتأمل مادة الكيمياء المقررة على طلبة جيل 2008، يدرك منذ الوهلة الأولى أنها لم تأتِ في صورتها المعتادة، بل جاءت بشكل يفوق قدرة الطلبة ضمن الوقت المخصص لها. فالمادة اليوم ليست مجرد وحدة أو موضوعات متفرقة، بل منهاج ضخم يُشبه مادتين كاملتين مدمجتين في كتاب واحد، يحتوي على سبع وحدات كبيرة تتفرع منها موضوعات متعددة متشعبة التفاصيل، مليئة بالقوانين والأمثلة والمفاهيم المتداخلة.
ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها المدارس والمعلمون لتغطية جميع هذه الوحدات، ورغم تخصيص خمس حصص أسبوعيًا للمادة، إلا أن الواقع يثبت أن هذا العدد من الحصص غير كافٍ لإنجاز المادة بالشكل المطلوب. فكل درس تقريبًا يحتاج إلى وقت طويل لشرحه، ثم إلى وقت إضافي لتثبيت الفهم من خلال التدريب والمراجعة والتطبيق العملي، خاصة أن مادة الكيمياء تعتمد على الفهم والتجريب لا على الحفظ وحده.
ويزداد العبء أكثر بوجود كتاب الأنشطة المرافق للمنهاج، والذي يحتوي على عددٍ كبيرٍ من الأفكار والأسئلة المتنوعة التي تتطلب من الطالب والمعلم وقتًا وجهدًا مضاعفين. فبدل أن يكون هذا الكتاب داعمًا للفهم ومساعدًا في ترسيخ المفاهيم، أصبح في كثير من الأحيان يشكّل عبئًا إضافيًا على كاهل الطالب الذي يجد نفسه مطالبًا بالتعامل مع كمٍّ كبير من الأسئلة والتطبيقات في وقتٍ محدود.
إن هذا الزخم الكبير في المادة، وكثرة الأمثلة والتطبيقات، وتشعب المفاهيم من وحدة إلى أخرى، يجعل من الضروري إعادة النظر في بنية المنهاج، سواء من حيث عدد الوحدات أو توزيع الزمن. فالهدف الأساس من تدريس الكيمياء ليس إرهاق الطالب بالمعلومات، بل تدريبه على التفكير العلمي والفهم الحقيقي للظواهر من خلال محتوى متوازن يناسب قدراته ووقته الدراسي.
ختامًا، لا بد أن ندرك أن تطوير التعليم لا يكون بزيادة الصفحات والمفاهيم، بل بتبسيط المعلومة وتنظيمها بما يضمن الفهم العميق ويشجع الطلبة على حب المادة لا الخوف منها. فالكيمياء مادة الحياة والعلم والمنطق، ويجب أن تُقدَّم بطريقة تشجع على الإبداع والفهم، لا على الحشو والتكديس.