انتقادات واسعة لقرار تقليص حصص "التربية الإسلامية"

نبض البلد -

المساد: القرار يخالف منطق التخطيط التربوي والتسلسل المنهجي
زيتون: تقليص المنهاج ينعكس سلبًا على البناء القيمي للطلبة
الشريف: المادة الجديدة "ضعيفة ويعتريها خلل"
التربية: تقليص حصص التربية الإسلامية يهدف لرفع كفاءة العملية التعليمية

الأنباط – شذى حتاملة

في ظل تحديات فكرية وقيمية متصاعدة تواجه الطلبة، أثار قرار وزارة التربية والتعليم بتقليص عدد حصص مبحث "التربية الإسلامية" ضمن خطة تطوير المناهج، جدلًا واسعًا في الأوساط التربوية والمجتمعية.
ورغم أن البعض اعتبر الأمر جزءًا من عملية إعادة هيكلة شاملة للمناهج الدراسية، إلا أنه واجه آراء متباينة، بين مؤيد للقرار ومعارض يرى فيه مساسًا بالهوية الدينية والثقافية للطلبة.
صحيفة "الأنباط" تواصلت مع عدد من الخبراء التربويين لرصد تداعيات القرار، وتسليط الضوء على المبررات الرسمية التي ساقتها الوزارة، إلى جانب استعراض مواقف الميدان التربوي.

المساد: قرار يفتقر للتخطيط ويخالف التسلسل المنهجي
واعتبر المدير السابق للمركز الوطني لتطوير المناهج، الدكتور محمود المساد، أن قرار تقليص عدد حصص التربية الإسلامية إلى خمس، مقابل رفع عدد حصص التاريخ إلى أربع، يخالف منطق التخطيط التربوي والتسلسل العملياتي المعتمد في إعداد المناهج، إضافة إلى الأعراف المتبعة في اتخاذ القرارات التعليمية.
وأوضح المساد أن خفض عدد الحصص لا يرتبط مباشرة بحجم المحتوى أو نسبة التحصيل، إلا أن المنهج يُبنى وفق عدد الحصص المتوفرة، وبالتالي فإن هذه الخطوة تضعف جودة المحتوى وطرائق عرضه، إذ يُفترض أولًا تحديد عدد الحصص ثم تأليف المادة التعليمية على أساسها.
وأشار إلى أن أي تغيير في التدرج المفاهيمي للمحتوى يستلزم إعادة بناء شامل لمباحث مثل التربية الإسلامية والتاريخ، مع مراعاة أعمار الطلبة وحاجاتهم. كما دعا إلى ضرورة إشراك مختصين من داخل الوزارة وخارجها قبل اتخاذ قرارات مصيرية كهذه، وتأجيل التنفيذ إلى حين تهيئة الرأي العام والتأكد من جهوزية الكتب المعدلة.
واختتم المساد بالتأكيد على ضرورة التريث، معتبرًا أن الظرف المجتمعي والتربوي العام – لا سيما ما يتعلق بامتحان "التوجيهي" – لا يحتمل قرارات ارتجالية أو مغامرات تربوية غير محسوبة.

زيتون: ضرب للقيم وتغييب للدور التربوي الإسلامي
من جانبه، شدد أستاذ الشريعة في جامعة العلوم التطبيقية، الدكتور منذر زيتون، على أن التربية الإسلامية ليست مجرد مادة معرفية، بل هي منظومة متكاملة تُعنى ببناء الفرد والمجتمع، وتستمد مرجعيتها من الوحي الإلهي، وهو ما يمنحها طابعًا مميزًا لا يجب تقليصه أو تهميشه.
وأشار زيتون إلى أن تقليص المنهاج ينعكس سلبًا على الجانب القيمي للطلبة، إذ يُحدث فجوة بينهم وبين منظومة القيم التي يفترض ترسيخها في مراحل النشأة، لافتًا إلى أن المادة في وضعها الحالي لا تغطي هذه الجوانب بشكل كافٍ.
كما انتقد قِصر الوقت المتاح لتعليم القرآن الكريم وتجويده وتفسيره، في ظل كثافة الصفوف (35 طالبًا في الصف الواحد) وقصر الحصة الدراسية (45 دقيقة)، ما يجعل إيصال معاني القرآن وتلاوته بالشكل الصحيح أمرًا بالغ الصعوبة، رغم كفاءة المعلمين.
ودعا زيتون إلى مراجعة القرار والعدول عنه، مؤكدًا أهمية إشراك المجتمع في مثل هذه القرارات، مع تعزيز دور مراكز تحفيظ القرآن الكريم، وتفعيل المساجد كمراكز دعم تربوي إسلامي موازٍ.

الشريف: منهاج "ضعيف" ومرهق للطالب والمعلم
أما أستاذ التربية الإسلامية عوض الشريف، فقد وصف المنهاج الجديد للصف الحادي عشر، والذي طُبق العام الماضي، بأنه "قصير وضعيف" من حيث المحتوى، إذ لا يتجاوز 26 درسًا تُغطى خلال شهر ونصف فقط، مع تخصيص بقية الفصل للمراجعة.
وانتقد الشريف توزيع الحصص الجديدة، معتبرًا أنها غير كافية لتغطية المادة، مقارنةً بالكتاب القديم الذي كان يتضمن سبع وحدات ويحتاج إلى ست حصص أسبوعيًا لتدريسه بفاعلية. كما أشار إلى أن المنهاج الحالي "فرغ الموضوعات من مضمونها"، وأصبح أقرب إلى التلقين منه إلى التفاعل مع الواقع الطلابي.
وأكد أن معلمي الميدان يلجؤون لتنسيق حصص إضافية لتعويض النقص في المحتوى، في محاولة لتعزيز الوعي الديني، انطلاقًا من التزامهم التربوي والدعوي.

وزارة التربية: القرار استند لملاحظات ميدانية
من جهته، أكد وزير التربية والتعليم الدكتور عزمي محافظة، في تصريحات سابقة، أن تقليص حصص مادة التربية الإسلامية وزيادة حصص "تاريخ الأردن" جاء استجابةً لتوصيات التربويين في الميدان، وليس استهدافًا لأي مادة بعينها.
وأوضح الوزير أن تقليص الحصص من ست إلى خمس للصف الحادي عشر، تم بعد ملاحظات من المعلمين والمشرفين بأن عدد الحصص السابق كان أكثر من اللازم بالنسبة لمحتوى المنهاج. في المقابل، تم رفع حصص "تاريخ الأردن" من ثلاث إلى أربع أسبوعيًا لتوفير وقت كافٍ لتغطية محتواه.
وأكد محافظة أن هذه التعديلات تهدف إلى رفع كفاءة العملية التعليمية، وأنها جزء من مراجعة مستمرة للمنظومة التعليمية بالتعاون مع الميدان التربوي.