حسين الجغبير
يشارك الأردن في إخماد حرائق اندلعت في عدد من المناطق السورية، بواسطة طائرتين ومركبات إطفاء وطواقم متخصصة، وذلك بتوجيهات مباشرة من جلالة الملك عبدالله الثاني، والتي تأتي في إطار الوقوف إلى جانب الأشقاء في سورية والدور الإنساني الذي تضطلع به المملكة في مساعدة الدولة الشقيقة والصديقة في الأزمات والكوارث الطبيعية.
بالمقابل، أعربت الحكومة السورية عن شكرها وتقديرها للأردن على الاستجابة السريعة، مشيدة بدور المملكة في هذا الإطار.
لم تكن سورية بالنسبة للأردن دولة شمالية جارة، تربطها به فقط الحدود، والعلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية بين البلدين، ولم تتعامل معها المملكة في إطار سياسي أو أمني، وإنما دمشق بالنسبة لعمان هي امتداد عميق يجب أن يبقى مستقرًا وينعم أهله بالأمن والأمان من كافة النواحي، لما لذلك من تأثير على المملكة، وقد شاهدنا هذا التأثير طيلة السنوات الأخيرة من حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، الذي ذهب بالعلاقات الأردنية السورية إلى مستويات لا يمكن أن تخدم مصلحة الدولتين، خصوصًا في ملفات الأمن، والمياه، والتبادل التجاري، وقد وضع دولته في حضن إيران.
منذ مجيء الرئيس السوري أحمد الشرع، ولم يترك الأردن جهدًا لمساعدة دمشق في تحقيق الاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري بعد سنوات طويلة من الخضوع لنظام دكتاتوري مجرم، سلب منه راحة البال والأمان، وقتل ما قتل من سكان الجارة الشمالية، وشرد ملايين السوريين إلى الخارج، حيث كان الأردن السباق في إطلاق جهد عربي واسع لدعم النظام الجديد في إعادة سورية إلى الحاضنة العربية والدولية بعد العمل على إعادة بنائها وتوحيدها من جديد.
وكانت اجتماعات العقبة بهذا الشأن بداية شرارة للتأكيد على أن من حق السوريين أن يعيشوا في أمن وأمان وإعادة بناء الحياة السياسية ضمن منظومة تشمل جميع الأطياف.
كما حرص الأردن على أن يكون وزير الخارجية أيمن الصفدي في زيارة لدمشق منذ بداية استلام النظام الجديد للحكم، بل استقبل جلالة الملك الرئيس السوري أحمد الشرع في عمان وأوعز بتقديم كل أشكال الدعم للأشقاء في سورية لمساعدتهم على إعادة بناء الجارة الشمالية، التي هي بحاجة لأن يقف الجميع إلى جوارها، سواء من الجانب الأمني، أو التكنولوجي، أو الاقتصادي، وحتى السياسي عبر إرسال صوتهم إلى كافة بقاع العالم لتأكيد أن سورية بحاجة إلى فرصة لأن تعود من جديد.
وفي الطريق أيضًا، هناك سفير أردني في دمشق لتعزيز التعاون الدبلوماسي بين البلدين، ليؤكد الأردن أنه سيبقى سندًا قويًا للجارة الشمالية، وحريصًا كل الحرص على استقرارها وأن يعيش سكانها الحياة التي يستحقونها بعد سنوات طويلة من المعاناة والألم، والقتل، والسجن، والأحكام العرفية.
في المقابل ينتظر الأردن من سورية أن تكون منفتحة أكثر في الملفات الثنائية بين البلدين وخصوصًا بالتبادل التجاري، والمياه، التي حرمت المملكة من حقوقها فيها إبان حكم الأسد، الذي لم يعمل بالاتفاقية الموقعة بين الدولتين منذ عشرات السنين، وهو الأمر الذي تقول مصادر أردنية إن دمشق تتعاون به، بانتظار تطبيقه على أرض الواقع، ناهيك عن أن تلعب دمشق دورًا أكبر في تأمين حدودها مع المملكة للحد من تهريب السلاح والمخدرات.