ما الذي تقوله أسماء الشوارع الأردنية بعد تغييرها؟

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

تغيير أسماء الشوارع الأردنية أمرٌ يُثير الرأي العام ويخلق حالة من الشعور بالقلق من ذلك؛ لأنه يتجاوز البعد الإداري إلى مستويات أعمق ترتبط بالهوية الجماعية والذاكرة الوطنية، ومن الواضح أن الانتماءات السياسية لرؤساء بعض البلديات وأعضاء مجالسها أصبحت هي المعيار الذي يحتكمون إليه عند رغبتهم بتغيير اسم أي شارع ضمن حدود بلدياتهم حتى وإن كانت كُلفة ذلك هي الاصطدام بالمجتمع المحلي الذي تستفزه أي محاولة لطمس تاريخه الوطني والتقليل من احترامه، وهذا يبرر المخاوف الحقيقية لدى الأردنيين من المشاريع التي تُحاك ضد بلدهم.

صحيح أن الأردنيين أكثر الشعوب العربية اشتباكًا مع القضايا القومية ولكن لا ينبغي المبالغة في ذلك للحد الذي تنتفي عنده خصوصيتهم الوطنية؛ لأن طبيعة التحديات الوجودية التي يواجهونها تتطلب منع أي محاولة بريئة كانت أو غير بريئة لإحداث تداخل هوياتي يُفضي إلى تمييع معالم الهوية الوطنية الأردنية وإضعاف قدرتها على الصمود في مواجهة مشاريع التهجير والوطن البديل.

ما يجب أن يُدركه الكثيرون أن الاعتداد بالذات الوطنية والحرص على إبرازها لا يتناقض مع الالتزامات العروبية التي يجب ألا تطغى على خصوصيات الشعوب وهوياتها المحلية.

من المؤسف أن صناع القرار في المؤسسات الأهلية يحاول بعضهم التغطية على تقصيره في العمل البلدي عن طريق اتخاذ قرارات شعبوية تُرضي فئات محددة على المدى القصير، ولكنها تترك انطباعًا سلبيًا على المدى البعيد، ودلالات سياسية خطيرة تقود إلى استنتاجات غير مقبولة.

ما تقوله أسماء الشوارع الأردنية بعد تغييرها هو أن سياسات الإملاء فرضت نفسها على حساب الإجماع الوطني، وهذا ما يولّد الإحساس العميق بالاغتراب في مدننا وقُرانا التي يُفترض أنها تتقاطع في السياسة والذاكرة المحلية، ولكنها أصبحت مساحات يُعاد تشكيلها وتتغير أسمائها تبعًا لحسابات سياسية لا تراعي حساسية المكان وساكنيه.

على وزارة الإدارة المحلية أن تضع حدًا لمن يحاول استغلال السلطة في المؤسسات الأهلية، وأن تُصدِر نظامًا يُلزم تلك المؤسسات باحترام الهوية الوطنية الأردنية وعدم الخروج عن إطارها في اتخاذ أي قرار؛ ذلك أن التفريط بالثوابت الوطنية تحت مبررات شعبوية يمس وحدة النسيج المجتمعي ويضعف ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها.