قضية الكحول المغشوشة: صراع القيم المتضادة

نبض البلد -


أحمد الضرابعة

تعيد قضية الكحول المغشوشة تسليط الضوء على المنطلقات الفكرية والقيمية لدى الناس في التعامل مع أي حادثة تهز الرأي العام. وفي القضية المشار لها أعلاه والتي ما زال ينتج عنها أضرارًا بشرية جسيمة كان من المأمول أن يكون الجدل الاجتماعي حول كيفية فهم ما حدث وتحديد الجهة التي تتحمل مسؤولية حدوثه وما الذي يجب أن يتغير؛ إذ أن التسمم الذي تعرض له شاربو الخمر قد يتكرر مع آكلي اللحوم والدواجن، والمسألة الأساسية هنا تتعلق بالدور الرقابي على جودة المواد الغذائية وضرورة بقاءه فاعلًا، لا لا الانشغال بإخضاع باعة الكحول ومستهلكيها لمحاكمات دينية علنية مفتوحة وتحديد مصيرهم النهائي بعد ذلك في وقتٍ ما زالت فيه الحقائق غامضة والأرواح تُزهق ولم يُحاسب المسؤولين عن ذلك بعد.

في الوقت نفسه لا ينبغي أن يستغل ذلك خصوم التيارات الإسلامية التي تُروِّج الموقف الديني من شرب الخمر لتقديم صورة تُظهر المتدينين وكأنهم خصوم للضحايا أو شركاء في المأساة، فالاختلاف في المنطلقات القيمية التي تحدد المواقف تجاه الأزمات لا يعني بالضرورة غياب التعاطف مع المتضررين منها.

ما يجب أن تتذكره التيارات الدينية والعلمانية أن الدولة الوطنية الأردنية لا تمثل أيديولوجيا محددة، وأنها مفوضة بتحديد سقف الحريات للمواطنين وفقًا لآليات دستورية يمثّل الشعب أحد أطرافها، وأن الواجب الأخلاقي على الجميع يتطلب تحييد الألم الإنساني عن الصراع الفكري أو الثقافي وعدم استغلال الحوادث والأزمات لتعميق الانقسامات بدلًا من معالجتها.