الجيل الجديد.. بين سحر الكلمات الإنجليزية وخطر اندثار اللغة العربية

نبض البلد -

شذى حتاملة
في ظل التحول الرقمي والتواصل الفوري لم يعد من الغريب أن نسمع على ألسنة شبابنا في مختلف المحافل عبارات ومصطلحات باللغة الإنجليزية، بحيث أصبحت المحادثات اليومية مزيجًا من العربية والإنجليزية، وباتت جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للجيل الجديد، وهذا التداخل اللغوي أثار جدلًا واسعًا، إذ يعبر كثيرون عن مخاوفهم من أن يؤدي هذا الاستخدام المفرط للإنجليزية إلى تآكل اللغة العربية بل اندثار بعض مفرداتها مع مرور الوقت.
ودمج كلمات ومصطلحات إنجليزية في أحاديثنا اليومية ما هو إلا انعكاس طبيعي لثقافة العصر الرقمي التي نعيشها، حيث هيمنت اللغة الإنجليزية على مختلف المجالات، فالإفراط في الاعتماد على المصطلحات الأجنبية يؤدي إلى تراجع مستوى استخدام اللغة العربية السليمة بين الأجيال وهذا الإفراط يضعف الهوية الثقافية ويقلل من ثراء اللغة العربية التي تعد من أقدم لغات العالم.
ويعتقد كثير من الشباب أن استخدام مصطلحات إنجليزية يمنح أحاديثهم طابعًا عصريًا، ويشعرهم بالانفتاح على العالم الحديث، ما يجعل اللغة المزدوجة رمزًا للحداثة بين أوساطهم، فاليوم مع كل كلمة عربية تهمل ومع كل مصطلح أجنبي يستبدل بها يقترب العالم العربي خطوة جديدة نحو فقدان ركن أساسي من تاريخه وكيانه الحضاري.
واليوم باتت منصات التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونية غالبًا ما تعتمد على اللغات الإنجليزية وهذا ما يعزز من حضور مصطلحات غير عربية في الحياة اليومية.
وفي جانب آخر، تفتقر العديد من الدول العربية إلى برامج ومبادرات فعالة لترسيخ مكانة اللغة العربية وتعزيز استخدامها في مختلف المجالات، إذ ينظر البعض إلى استخدام اللغة العربية باعتباره أمرًا مرتبطًا بالتقليدية ما يقلل من حماسهم لاستخدام لغتهم الأم.
فالتخلي عن اللغة الأم قد يجعل الشعوب أكثر عرضة لفقدان استقلالهم الثقافي والفكري، فاللغة العربية تحمل في طياتها كنوزًا أدبية وهي الوعاء الذي يضمن ثقافة الأمة وتاريخها، فتراجعها اليوم يعني صعوبة الوصول لهذا الإرث وذوبان الهوية الوطنية.
فاللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل والتخاطب بل هي جذر من جذور الهوية، والمحافظة عليها مسؤولية مجتمعة تبدأ من المدارس والجامعات مرورًا بالإعلام وصولًا إلى المبادرات الثقافية التي تشجع على الحفاظ على لغتنا العربية، فبإهمال لغتنا العربية لا نفقد الكلمات فقط بل نخسر أنفسنا وإرثنا وثقافتنا.