حسين الجغبير

تطوير الإعلام.. سلاح الدولة الأقوى

نبض البلد -
يبدو أدركت الدولة أخيرا أهمية تطوير الإعلام الأردني، بعد تفشي "وباء المعلومات" التي تبث دون كلل أو ملل على مواقع التواصل الاجتماعي، والانطباع السلبي الذي تتركه لدى المواطنين بأن الأوضاع شديدة السواد فيما يتعلق بعدد من الملفات المحلية، وعلى رأسها الوضع الاقتصادي، مع تسيد مشهد عدم اقتناع الناس بأي خطوة تقوم بها الحكومة مهما كانت أهميته لأن نسبة الثقة بين الطرفين في أدنى مستوياتها.
بالنسبة للدولة لم يعد هناك المزيد من الوقت لمواجهة تغول "المواطن الصحفي" في كل منزل أردني عبر نقل أخبار لا تخضع لأي اعتبارات مهنية، وهي بعيدة كل البعد في أغلبها عن الدقة والموضوعية. ذلك دفع الجهات المعنية إلى فتح حوارات مع المعنين في قطاع الإعلام من أجل الوصول إلى صيغة يتفق عليها تساعد في تطوير الإعلام المحلي ليكون خط الدفاع الأول والمصدر الأهم في نقل وتبادل المعلومات، كبديل عن مواقع التواصل الاجتماعي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن توقيت التطوير مهم جدا لوسائل الاعلام التي تعاني أوضاعا ماليا صعبة تحول دون تمكنها من تطوير أدواتها والخروج من عباءة الإعلام التقليدي، ويعرقل طريقها للوصول إلى فئة الشباب عبر مخاطبتهم بالوسائل التي يفضلونها خصوصا بالنسبة للصحف الورقية التي يقل عدد متابعيها، نظرا لتوجههم للعالم الافتراضي حيث سرعة نقل الخبر وتداوله.
إن تطوير الإعلام ليس شعارا يرفع في مرحلة معينة سرعان ما يخفت بريقه، فالوقت يمضي، وكلما مرت الأيام كلما زادت صعوبة تحقيق تقدم في هذا الملف، فالمسألة تحتاج إلى استراتيجية واضحة المعالم وخطة متعددة المستويات، مع تحديد أدوات تنفيذها وآليات ذلك.
الحديث عن تطوير الإعلام لا يتأتى فقط من خلال توفير الدعم المالي، وإن كان هذا من أهم الأمور الذي يجب أن تلتف إليها الدولة عن تعاطيها مع هذا الملف، خصوصا وأن أزمة الإعلام تتفاقم ماليا، بل أيضا يجب أن يكون هناك التفاتة إلى جوانب أخرى تحتاجها المؤسسات لتكتمل صورة التطوير الذي تريده الدولة.
أول هذه الأمور هو توفر المعلومة وضمان تدفقها عبر نوافذ واضحة، بحيث تتمكن هذه النوافذ من تحليلها وتطويرها لتقديمها كمادة خبرية مكتملة الأطراف بمهنية عالية، وبموضوعية، وعندما يتمكن القارئ من الحصول على وجبة تغنيه من التوجه إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي عادة ما يقع فريسة لما ينشر عليها.
إلى جانب ذلك لا بد من الإشارة إلى ضرورة أن تتمتع المؤسسات الإعلامية بسقف من الحرية الخاضعة للقانون والمهنية، ما يساهم في جذب المتابعين إليها، بدلا من أن يتوجهوا إلى نوافذ أخرى أكثر تفاعلية.
كما يتطلب تطوير الإعلام اختيارات قيادات إدارية للمؤسسات الصحفية متخصصة وقادرة على التعاون مع الإدارة التحريرية عبر خلق فرص تسويقية ترفد هذه المؤسسات بمداخيل مالية تمكنها من الديمومة والاستمرار والتطور.
أن تلتقي الحكومة برفقة الديوان الملكي بإعلاميين لبحث آلية التطوير خطوة غاية في الأهمية وهي في الاتجاه الصحيح، لكن هذا لا يكفي إذا ما بني على ذلك خطة عمل واضحة المعالم ومحددة المدة.
لا شك أن الإعلام الصحي يعني نموا للدولة ويعني حكومة قوية، ويعني تزايد ثقة الشارع بمحتوى الإعلام، وبالتالي منحه إيمانا مطلقا بالقدرة على مراقبة أداء المؤسسات ومحاسبتها.