نبض البلد - د. حازم قشوع
إلى حد كبير نجحت الزيارات المكوكية التي قادها الملك عبدالله بوضع أرضية عمل لوقف إطلاق النار، ينتظر أن تتبلور بالاسبوع القادم على حد وصف متابعين من منطلق روما، حيث تعود المفاوضات من جديد بعد فترة تجميد ومراوحة نتيجة التجاذبات الاقليمية بعدما استطاع الملك عبدالله من تشكيل تيار داعم لوقف إطلاق النار بلقاءاته السياسية فى "صن فالي"، كما فى لقائه الدبلوماسي رفيع المستوى في أوتاوا الكندية، ممهدا بذلك الطريق لعودة المنطقة للهدوء النسبي ووقف حالة التصعيد والعمل على وصول القوافل الاغاثية الى قطاع غزة، وهي الموضوعات التي سيقوم ببحث وسائلها الوزير الصفدي مع وزير الخارجيه الامريكي روبيو فى الاجتماع المقرر لذلك.
بعدما أصبحت المنطقة تعيش حاله غير مستقره للدرجة غير الآمنة، وهذا ما انعكس على الحالة المعيشية لمواطنيها كما على الحالة الاقتصادية لمجتمعاتها جراء تدهور الأوضاع الامنية التي ما فتئت تخيم عليها، حتى أخذت تنذر بتغير وتغيرات نتيجة السياسات الإسرائيلية التي تعتمد على الحلول العسكرية وفرض جغرافيا سياسية بالقوة بدعوى الحفاظ على الأمن الإسرائيلي بغية توسيع نفوذها بالهيمنة بالقوة العسكرية.
وهو الحال الذي جعل من مجتمعات المنطقة ومن قضيتهم المركزية تعيش حالة ضبابية إلى حد العدمية، الأمر الذى جعل الملك عبدالله يقوم بمجهودات دبلوماسية كبيرة من اجل اعادة الامور لنصابها وعودة الجميع لطاولة المفاوضات، مؤيدا بذلك من المجموعه العربيه ومن الثقل الوازن الذى يحظى به فى بيت القرار الأمريكي، كما من قبل حلف الناتو الذي يقف عليه الأردن باعتباره يشكل مركزه الرئيس في الشرق الأوسط، وهذا ما جعل من السياسة الأردنية تسهم فى اعادة الامور لنصابها في الجنوب السوري، كما جعل من الأردن يتصدى للمسألة الانسانية فى غزة التى تتعلق منها بتسيير قوافل الاغاثة الى القطاع عبر بشائر الخير التي حملتها قوافل المساعدات الأردنية التى اخترقت الحصار، على أمل أن تستمر هذه الخطوات بتسارع لتصل لشمال القطاع عبر عملية إغاثة جويه مكثفه.
فلقد بات من غير المقبول أن يتم التعامل مع القضية الفلسطينية باعتبارها شأن داخلي إسرائيلي تتعامل معه (الشين بيت) امنيا كما تريد بالطريقة التي تراها مناسبة، ومن المرفوض شكلا ان تصدر دعوات سياسية من قبل حكام تل أبيب فى جملة المنتهى تدعو لضم "يهودا والسامرة" مخالفة بذلك كل القرارات الدولية، وهي القرارات التي شرعنت وجود هذا الكيان الغاصب عبر قرار 181، وهو الكيان الذى مازال يعيث فساد فى الارض ويهدد السلم الإقليمي والسلام الدولي بتصرفات هوائيه غير محسوبة استراتيجيا، وهذا ما يجعلنا نتساءل بسؤال استنكاري عن مآلات هذه السياسات المريبة وما المقصود منها سيما وأن اسرائيل لا يمكن أن تحقق أمنها عسكريا مهما اذعنت بسياسات التجويع والتهجير والاغتيالات وامعنت في سياسة استخدام القوة، فإن العنف لا يولد إلا أحقاد.
صحيح ان هذه السياسه تلقى قبول ضمني عند بعض القيادات في الإدارة الأمريكية، لكن ما هو صحيح ايضا ان هذا القبول يأتي من مصلحة آنية امريكيه ولدواعي الحاله القطبية وسينتهي عند جلوس الرئيسين الروسي والأمريكي وإعلان بيان خطوط النفوذ في المنطقة، وهذا ما جعل من حكماء الصهيونيه العالميه يرسلون برسالة واضحة لحكومة تل أبيب عنونها اعلان لندن ب 25 دولة بضرورة توقف إطلاق النار واصفا رئيس الوزراء البريطاني السياسة الإسرائيلية بالمقززة.
ان حرص الأردن على أمن واستقرار المنطقة نابع من حرصه على حفظ مستقرات مجتمعاتها، لتعيش شعوب المنطقة وفق مناخات سلمية يعاد فيها الدور الوظيفي لاسرائيل من "معول هدم" إلى "معول بناء" يمكن قبوله، وينتج عنه مصالحة تاريخية بين مجتمعاتها تدوم عبر شراكات استراتيجية تنموية تماما كما فعل الهاشميين على مر التاريخ عندما جسدوا ستاتيكو الأديان فى بيت المقدس، فكانت عنوانا لمجتمع الأديان ومنطلقا لرسالة السلام، وهي الصورة التي يحرص على نسجها الملك عبدالله وهو ينسج خطوط حل الدولتين ويعمل من اجل وقف اطلاق النار.