الاحتلال يمنع الفلسطينيين من دخول أراضيهم بمناطق "ج"

نبض البلد -
نبض البلد -وكالات

يحاول المزارع عايد مظلوم (53 عاما) من قرية الجانية غرب رام الله أن يحبس أنفاسه في كل عام استعدادا لمواسم أرضه المتعاقبة، التي لا تشبه أي مواسم في العالم، ففي وقت حراثتها يسمح له بيومين على الأكثر كي يدخل أرضه ويعمل بها؛ بينما تمنعه قوات الاحتلال من دخولها لأشهر طويلة.

وتنطبق حكاية مظلوم على معظم مزارعي الضفة المحتلة الذين تقع أراضيهم ضمن ما تسمى بمناطق "ج"، التي أفرزتها اتفاقية أوسلو لتكون "تحت سيطرة الاحتلال الكاملة"، ولكنها أغفلت مستقبل عشرات آلاف المزارعين الذين يعتمدون بشكل كلي على أراضيهم وإنتاجها.

وقبيل موسم قطف الزيتون يسابق مظلوم الخطى للحصول على "تصريح" يسمح له برؤية أرضه؛ وفي كثير من الأحيان يقابل الطلب بالرفض فتُترك أشجاره وحدها دون عناية أو اهتمام بل ضحية اعتداءات المستوطنين.

ويقول، أكثر من 30 ألف دونم من أراضي القرية صنفت كأراضي "ج" التي لا يستطيع المواطنون الوصول إليها أو استخدامها، وبقيت ربع مساحة القرية فقط للبناء، مبينا أن "عائلته تمتلك جبلا كاملا بمساحة ألفي دونم منذ عشرات السنين".

ويوضح أن الجبل مزروع بالزيتون منذ سنوات طويلة في عهد أجداده، وكانت العائلة تقوم برعايته والاهتمام به وحراثة الأرض، ولكن مع حلول عام 2000 أعطت حكومة الاحتلال الضوء الأخضر للمستوطنين، لاحتلال تلال الضفة وفقا لاتفاقية "واي ريفر"، فبدأوا بوضع البؤر الاستيطانية على أطراف الأرض ومهاجمة أصحابها.

ويضيف: "المعاناة بدأت منذ ذلك الوقت حين تم تقسيم الأراضي وصنفت أراضينا بـ"ج"، حيث يعتدي علينا المستوطنون ويحرقون أشجارنا ويسرقون محاصيلنا، وبدأ الاستيطان يتسلسل ويمتد حتى سيطر على معظم الأراضي".

ويبين بأن العائلة توجهت عام 2004 لمحكمة الاحتلال العليا لإثبات حقها في أرضها؛ وبعد جلسات طويلة وجهود مضنية من المحامين والمؤسسات الحقوقية سُمح لها بالدخول إلى الأرض، ولكن وفقا لشروط قاسية، كما لم تنجح محاولاتهم بإزالة البؤر الاستيطانية والمساكن المتنقلة للمستوطنين.

ويبين بأنه يضطر أحيانا إلى التسلل داخل أرضه واخذ بعض من محصول الزيتون الخاص به، ويشير إلى أن شروط دخول الأرض تمثلت في وجود حماية إسرائيلية تعمل على حماية المستوطنين وتغطية أي اعتداء يقومون به.

وحين يصل المزارعون أراضيهم بعد غياب، فيجدون بأن أشجارهم إما مقطوعة أو محروقة أو مسروقة، بينما يحدد الاحتلال أحيانا عددا معينا من الجرارات الزراعية المسموح لها أن تدخل الأرض بشكل لا يكفي لحراثتها ليومين.

ويتحدث مظلوم عن عائلات أخرى في القرية تقع أراضيها بالقرب من مستوطنة "تلمون" المقامة على أراضي قرى غرب رام الله، حيث قام الاحتلال بنصب بوابة كهربائية وأخرى حديدية لمنع المزارعين من دخولها.

وبحسب جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، تبلغ مساحة المناطق المصنفة "ج" 3,375 ألف دونم، فيما تبلغ مساحة الأراضي التي يستغلها الاحتلال بشكل مباشر في المناطق "ج" حوالي 2,642 ألف دونم، وتشكل 76.3 بالمئة من مجمل المساحة المصنفة "ج".

بدوره، يؤكد الخبير في شؤون الاستيطان والناشط الشعبي صلاح الخواجا أن نحو 60-64% من أراضي الضفة مقسمة إلى مناطق "ج"، ومن بينها أكثر من 90% لا يتمكن الفلسطينيون من البناء فيها أو زراعتها.

ويوضح، تلك الأراضي منها تابعة للأوقاف ومنها ما تم تحويله إلى محمية طبيعية أو منطقة تدريبات، وهي ذرائع اخترعها الاحتلال لمنع أصحابها من الوصول إليها، كما يتذرع بقانون أملاك الغائبين للسيطرة على جزء كبير منها.

ويعتبر أن أكبر خطيئة في هذا الشأن هو اتفاقية أوسلو التي سلمت فيها القيادة الفلسطينية الاحتلال أكبر فرصة للاستيلاء على أراضي الضفة.