نبض البلد- بترا
يدلف ساع وراء قرض بوابة بنك، وسط مشاعر تخامره بأنه يخطو اولى خطواته في المنزل المشتهى. يتكوم على مقعد الانتظار، ليبسط غرضه وهو يتسلّح بوثائق تثبت ملاءته المالية. يناول موظفا خبر الناس والمتاعب، اوراقه، لتتلو ذلك سلسلة طويلة من سين وجيم، وما هي الا دقائق، حتى يتفاجأ طالب القرض بتقرير سيرته المالية، التي "يُمنع قانونا الكشف عنها الا بموافقة خطية من طالب القرض"، بحسب طالب الائتمان (رامي).
رامي وزوجته توجها إلى بنك للحصول على قرض سكني. طال انتظارهما الموافقة، فاضطرا الى اللجوء الى آخر، ليتفاجأ رامي بأن تقريره الائتماني يشي بأن عليه قرضاً بـ60 ألف دينار، عليه سداده قبل موافقة البنك على قرضه الجديد، وهي معلومات حصل البنك عليها من شركة استعلام ائتماني.
رامي يوضح ان معاملة القرض الاولى التي تأخرت في البنك الاول تم رفضها اساسا لضمانات تتعلق بالراتب، وانه لم يستكمل اجراءات القرض اصلا، متسائلا: كيف أسدده؟ وكيف حصل البنك الثاني على معلومات تفيد بأنني غير ملتزم، وبالتالي لن أستطيع الحصول على قرض؟! التقرير الائتماني يحتوي على معلومات تفصيلية عن الفرد و/ أو الشركة الحاصلة على تمويل و/ أو تسهيلات ائتمانية من مزودي الائتمان بما في ذلك المعلومات الشخصية مثل: الاسم، العنوان، الوظيفة، وملخص الحركات المالية الخاصة بالقروض و/ أو التسهيلات التي تم الحصول عليها من مزود ائتمان أو أكثر، مثل أعداد وأنواع القروض أو التسهيلات الائتمانية والأداء المالي الخاص بتسديد الدفعات وعدد الدفعات المتبقية وأية بيانات سلبية متعلقة بالأداء الائتماني بحسب شركة (كريف)، وهي الوحيدة المرخصة من قبل البنك المركزي للاستعلام الائتماني.
الخبير القانوني الدكتور عمر الجازي يقول، إن قانون المعلومات الائتمانية حظر على مقدم الائتمان الحصول على أية معلومات ائتمانية أو أن يطلب إصدار تقرير ائتماني من الشركة بشأن أي عميل إلا بعد تصريح من العميل نفسه ووفقاً لشروط القانون.
وأضاف، حتى تتضح المفاهيم لدى المعنيين، فإن مقدم الائتمان، وحسب القانون، هو الشخص الذي يمنح العميل تسهيلات ائتمانية، أو يبرم معه عقد بيع بالأجل وفقا للتشريعات النافذة. أما مزود البيانات، فهو الشركة ذات المسؤولية المحدودة أو المساهمة الخاصة المرخصة لمزاولة الاعمال المحددة.
مدير عام (كريف) أحمد عامودي أوضح، أن التقرير الائتماني الذي تصدره الشركة للأفراد أو للشركات كالبنوك ومؤسسات التمويل الأصغر والتأجير التمويلي وشركات التأمين والبطاقات الائتمانية وغيرها، يتضمن بيانات عن تاريخ العميل المالي، وبالإضافة لذلك يطلب البنك معلومات العميل الديموغرافية ويضعها في تقرير، وبناء على كليهما يقرر مقدم الائتمان منح العميل الائتمان أو عدمه.
وفي سياق تفسيره لتساؤلات (رامي) يقول، ان التقرير يظهر في هذه الحالة أن رامي تقدم بطلب الحصول على قرض ولم يحصل فعلياً عليه، لكن ربما يكون تلقى معلومة مغلوطة من قبل البنك الثاني تفيد بأن عليه قرضا، أو أن العميل نفسه أساء الفهم.
وأشار الى ان الأفراد كانوا سابقا يتقدمون بطلب للحصول على قرض من عدة جهات مختلفة في الوقت نفسه، وأن عدم وجود جهة تبين تزامنية هذه الطلبات أوقع الأفراد أنفسهم في ضغط مادي، وأوقع البنوك ومقدمي الائتمان في مشكلة التعثر وتأخر السداد. "وجود هذا النوع من الشركات، أمر إيجابي لسببين: الأول هو المحافظة على أموال المودعين في البنوك بالتحقق من القدرة على السداد، والثاني هو تقديم النصيحة المالية للمقترض وتوضيح مخاطر اقتراضه من جديد في حال تعثره" بحسب عامودي، موضحا ان الشركة موجودة لدعم الوصول إلى التمويل. وأشار الى وجود نحو 57 شركة تعمل على تزويد (كريف) ببيانات، لافتا الى انها تعمل على تحديث بياناتها بحد أقصى كل شهر، وبعضها يحدثها في أقل من ذلك. وقال، الشركة أطلقت في أيار الماضي- بطلب من مؤسسة النقد الدولية- تجربة لتصنيف احصائي؛ اذ تم اخذ قاعدة بيانات لكافة المقترضين في الأردن لبناء أنماط للسلوك المالي بشكل عام، ولمقارنة كل فرد مع هذه الأنماط العامة وتصنيفه: أفضل من النمط أو أسوأ.
وأضاف، ان التقرير يوضح نسبة احتمالية تعثر العميل بناء على مقارنته بأنماط احصائية عديدة رقمياً وحرفياً، لكن هناك شركات تعمل على جمع معلومات عن الأفراد والشركات بناء على قرارات المحاكم المنشورة في الصحف وتتجه نيّة الحكومة الى اغلاقها قريبا.
الخبير الاقتصادي مازن ارشيد قال ان معرفة التصنيف الائتماني للعملاء يفيد البنوك في تحديد الملاءة المالية لهم أو للشركات المتقدمة بطلب الحصول على قرض أو بطاقة ائتمان، وقد يختلف هذا التصنيف من بنك لآخر وفقاً لإرشادات البنك الداخلية نفسها.
وقال، ان التسهيلات التي تقدم للعملاء ترتبط بسعر الفائدة الذي قد ينخفض أو يرتفع، ويختلف ما بين عميل لآخر وفقاً لتصنيفه الائتماني الذي يستند للتقرير الذي تصدره شركات الاستعلام الائتماني، فكلما كان التصنيف مرتفعاً زادت التسهيلات وانخفضت نسبة الفائدة.
المدير التنفيذي لدائرة حماية المستهلك المالي في البنك المركزي الدكتور وليد القصراوي قال إن عدد الشكاوى المتعلقة بالسرية المصرفية خلال عام 2019 بلغ 12 شكوى، نصفها على البنوك التجارية والأخرى على شركات التمويل الأصغر، ولدى متابعة هذه الشكاوى من دائرة حماية المستهلك المالي تبين أن العملاء غير محقين بها بحسب تعبيره.
وأضاف القصراوي، ان الجهات أو الحالات المستثناة من أحكام السرية المصرفية بحسب قانون البنوك لعام 2000، مدققو الحسابات الذين تعينهم الهيئة العامة للبنك أو البنك المركزي، والبنك المركزي نفسه، والغايات اللازمة لإصدار شهادة أو بيان بأسباب رفض صرف أي شيك بناء على طلب صاحب الحق، وتبادل المعلومات المتعلقة بالعملاء سواء بخصوص مديونياتهم لتوفير البيانات اللازمة لسلامة منح الائتمان، أو بخصوص الشيكات المرتجعة بدون تسديد، أو أي أعمال أخرى يراها المركزي لازمة لتعلقها بسلامة العمل المصرفي فيما بين البنوك والبنك المركزي وأي شركات أو جهات أخرى يوافق عليها لتسهيل تبادل هذه المعلومات، و الحالات التي يلجأ فيها البنك للكشف عن كل أو بعض البيانات الخاصة بمعاملات العميل اللازمة لإثبات حقه في نزاع قضائي نشأ بينه وبين عميله بشأن هذه المعاملات. ويجوز لشركات الاستعلام الائتماني الحصول على معلومات ائتمانية من أي شركة مرخصة وفقاً لأحكام قانون المعلومات الائتمانية، والبنوك، وشركات التأجير التمويلي وأي شركة تقوم بالبيع الآجل لأي أموال منقولة أو غير منقولة أو لأي خدمات، إضافة إلى المؤسسات المالية المنشأة بموجب قوانين خاصة بها وأي جهات أخرى يوافق عليها محافظ المركزي، وفقا للقصراوي. وبحسب تقرير شكاوى العملاء الصادر عن االمركزي فإن عدد الشكاوى على البنوك المقدمة إلى دائرة حماية المستهلك المالي في البنك خلال 2018 المتعلقة بالاستعلام الائتماني والسرية المصرفية وغيرها بلغ 74 شكوى. أما إجمالي عدد الشكاوى التي وردت للدائرة فبلغ 1366، منها 1265 على البنوك، إضافة إلى 75 على مؤسسات غير بنكية، بارتفاع عام نسبته 5ر35 بالمئة عن العام 2017.
وأضاف التقرير تفصيلاً أن عدد الشكاوى التي قدمت للبنوك مباشرة في العام ذاته ارتفع أيضاً عن العام 2017 بنسبة9ر11 بالمئة ليصل إلى 13591.