أحمد الشرع في عمّان: ملفات أردنية - سورية

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

في ثالث زيارة له ضمن جولته الإقليمية، يصل الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع إلى عمّان اليوم، ومن المقرر أن يلتقي جلالة الملك عبد الله الثاني، لتعزيز العلاقات الثنائية، التي مرَّت بفترات من التقارب والتباعد، خلال العقود الخمسة الماضية، في عهد الأسدين.

شكّل سقوط نظام الأسد خاتمةً لمرحلة معقدة في تاريخ سورية وعلاقاتها العربية، لا سيما مع الأردن الذي تأثر سلبًا بسياسات النظام ومواقفه واصطفافاته الإقليمية، وفي الوقت نفسه، يمثل بداية لفترةٍ جديدة، تتّسم بالتحديات والفرص. ومع قيام الحكم الانتقالي في سورية، وملاحظة وجود روافع إقليمية ودولية لتعويمه، سارع الأردن للاستجابة للواقع الجديد، فكان التصريح الملكي الأردني عن احترام إرادة السوريين وخياراتهم، هو الأول عربيًا. وكذلك، كان أيمن الصفدي أول وزير خارجية عربي يزور دمشق، ويلتقي حاكمها الفعلي أحمد الشرع

التحديات الجديدة التي نشأت مع قيام الحكم الجديد في سورية، تتمثل في عدم حصوله على ما يكفي من الشرعية الدولية، للاعتراف به، وارتهان ذلك بنجاح المرحلة الانتقالية بكافة أبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي، يدرك الأردن الذي يرى أن بقاء سورية موحدة، غير قابلة للقسمة يصب في مصالحه العليا، ضرورة دعم الحكم الانتقالي وبناء الدولية السورية لتكون قادرة على فرض سلطة القانون، ومعالجة التحديات الأمنية الناشئة عن غياب أجهزة أمنية وطنية قوية، قادرة على ضبط الأوضاع. ما لا يقل أهمية عن ذلك، يتمثل بالتوغل الإسرائيلي في جنوب سورية، وهو ما يشكل تهديدًا مزدوجًا للجانبين، الأردني والسوري معًا، بحكم أنه يمثل تعدٍّ على السيادة السورية، ويمنح إسرائيل أفضلية استراتيجية بعد سيطرتها على المواقع المحيطة بمصادر المياه التي يتزود منها الأردن، وهذا تحدٍّ يتطلب التنسيق والتعاون بين البلدين لمواجهته. إلى جانب ذلك، تظل التحديات التاريخية بالنسبة للأردن، والمرتبطة بتأمين الحدود ومنع تهريب المخدرات، مستمرة، ولا بد من تعزيز التعاون الأمني بين البلدين للسيطرة عليها.

لا يتقارب البلدان لمواجهة التحديات المشتركة فقط، وإنما للاستفادة من الفرص الممكنة لتحقيق التنمية والاستقرار، فمرحلة إعادة الإعمار والتنمية في سورية، يمكن أن يلعب الأردن خلالها دورًا رئيسيًا، عن طريق توفير الخبرات الفنية، وتمكين القطاعات المختصة بهذا المجال من الاستفادة، إلى جانب تهيئة الظروف لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم طوعًا، وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وتبادل الخبرات.

أخيرًا، تتبادل الأردن وسورية إشارات إيجابية منذ سقوط حكم الأسد وقيام الحكم الانتقالي، كان آخرها قد صدر عن الجانب السوري، حيث تَقرر استثناء الأردنيين من رسوم تأشيرة الدخول إلى سورية، دونًا عن جنسيات عربية وأجنبية كثيرة، وهي خطوة رمزية تعكس التوجه نحو تعزيز العلاقات الثنائية، وكان قد سبقها خطوات سياسية أردنية كبيرة، وبالتالي، فإن فتح صفحة جديدة في العلاقات الأردنية - السورية، يبدو هدفًا مشتركًا بالنسبة للجانبين، لتحقيق الاستقرار والتنمية، وخدمة مصالح الشعبين الشقيقين اللذين تضررا معًا من سياسات حكم الأسد البائد.