عندما مات عبد الحليم كنتُ في مطعم بمدينة «بور سعيد» أتناول»الفاصوليا البيضا» . وجاء الخبر العاجل»وفاة عبد الحليم إثر صراع مع المرض». وبعدها شاهدتُ المخرج حسين كمال» مخرج فيلم»أبي فوق الشجرة»آخر أفلام العندليب،يبكي وجاء بعده أصدقاء ومحبو صاحب» فوق الشوق» يتحدثون عنه وعن ذكرياتهم معه.
مات العندليب،وشهدت القاهرة والمدن المصرية حالات»انتحار» لفتيات وسيدات تعلقن بصوته وفنه.منهن فتاة لم تتمالك أعصابها وألقت بنفسها من «بلكونة» في الطابق الرابع.
لم يصدق احد ان العندليب الذي شغل الساحة الفنية والغنائية العربية،قد رحل.
كنتُ في اليوم التالي، في الجامعة وطلبت مني زميلة/ طالبة،»الجريدة» كي تقرأ تفاصيل موت العندليب. وأخذنا نبكي نحن الاثنين،رغم اننا لم نكن نعرف بعضنا،فقط جمعنا الحزن على عبد الحليم.
أذكر أكثر مرة بكيتُ العندليب في فيلم»حكاية حب» حين غنى للفنانة مريم فخر الدين «بتلوموني ليه لو شفتم عنيه حلوين اد ايه»،طبعا كنتُ مراهقا وتخيلتُ «فتاتي» مثل مريم فخر الدين ـأيام شبابهاـ ، شقراء بشعر ناعم مثل» الحرير»،وفي الفيلم تبلغ المأساة حين يمرض بطل الفيلم ويودّع حبيبته،فانهمرت الدموع في صالة سينما» الحمرا» بمدينة» الزرقاء» حيث كان يُعرض الفيلم.
أحببنا عبد الحليم لأنه كان يعبر بأغانيه عن جيلنا. وكنا ننتظر حفلات «شم النسيم» التي كان عبد الحليم يحييها كل عام في الربيع. وكانت آخرها قصيدة نزار قباني الشهيرة» قارئة الفنجان».
كانت اغاني عبد الحليم»شلال رومانسية» ينهمر على ارواحنا ويورطنا في قصة حب»خيالية». وكان كثيرون يقلدون «تسريحة شعره»/ الفَرْقة على اليسار وبدون سوالف.
كان ) وقتها لي شعر طويل وكنتُ أقلبه ذات الشِّمال،وأردد اغانيه: «أسمر يا اسمراني»و»فوق الشوق مشّاني زماني»و «موعود بالعذاب» و»حين افرح اردد» زيّ الهوى».
كنا نحفظ كلمات اغانيه التي كان يكتبها الشاعر مُرسي جميل عزيز ونُعجب بالحان بليغ حمدي ومحمد الموجي وكمال الطويل وعبد الوهاب.وكنا نحب كلمات الشاعر مُرسي جميل عزيز ومحمد حمزة ونزار قباني في قصيدة»رسالة من تحت الماء» و»قارئة الفنجان» وكذلك كلمات الشاعر كامل الشناوي في قصيدة»لا تكذبي».
مات العندليب ولم يسد احد مكانه،وبقينا»يتامى» الاغنية العاطفية الجميلة!!