نبض البلد - أمن الأردن لم يشفع له
. والسياحة تدفع الثمن
حسين هلالات نائب رئيس جمعيه الفنادق الاردنيه
يعيش القطاع السياحي الأردني هذه الأيام واحدة من أصعب مراحله، حيث تراجع الطلب على الأردن وتراجعت نسب الإشغال الفندقي إلى مستويات خطيرة، وتقلصت أعداد الزوار بشكل يهدد استدامة آلاف المنشآت السياحية والعاملين فيها.
ورغم أن التفسير السهل والجاهز الذي يُطرح دائمًا هو الحرب الإسرائيلية على غزة، إلا أن هذا التفسير لم يعد كافيًا ولا مقنعًا. المفارقة الصارخة أن الأردن يعاني من عزوف واضح عن زيارته، ما يكشف أن المشكلة أعمق من الظروف الإقليمية، وأن هناك عوامل اخرى لم تُعالج بعد.
أين تكمن المشكلة؟
1.ارتفاع أسعار التذاكر: الوصول إلى الأردن أصبح مكلفًا نسبيًا مقارنة بوجهات منافسة مثل تركيا ومصر وقبرص واليونان، حيث أن أسعار الناقل الوطني أصبحت مرتفعة على السائح وليست في متناول اليد.
2.غياب الطيران منخفض التكاليف: شركات الطيران الاقتصادي كانت شريانًا حيويًا للسياحة الأردنية، ومع توقفها خسرنا آلاف السياح الذين يعتمدون على السفر الاقتصادي، وهنا اقترح إيجاد بديل لهذه الشركات.
3.تحذيرات السفر الدولية: تقارير رسمية من دول أوروبية وضعت الأردن على قوائم "المناطق غير الآمنة”، رغم أن الأردن يتمتع باستقرار داخلي يفوق كثيرًا من دول المنطقة.
4.ضعف الترويج والتسويق: الحملات السياحية لم تنجح في مخاطبة الأسواق العالمية بالأسلوب العصري المطلوب، بينما دول الجوار تنفق ملايين الدولارات على حملات دعائية.
5.الأعباء الضريبية والرسوم المرتفعة: تكلفة الإقامة والخدمات السياحية في الأردن عالية بسبب الضرائب، ما يجعل السائح يشعر أنه يدفع أكثر مقابل خدمات أقل.
6.غياب التنويع في الأسواق: الاعتماد على أوروبا وأمريكا فقط، في حين تجاهل أسواق ضخمة مثل الهند والصين وإندونيسيا، التي تشكل اليوم محركًا رئيسيًا للسياحة العالمية.
ما هو الحل للأردن؟
1.إعادة الطيران الاقتصادي فورًا والتفاوض مع الشركات العالمية لإعادة الرحلات المنتظمة، وعدم الاعتماد على شركات الطيران المحلي.
2.إطلاق حملات تسويق قوية في أوروبا وآسيا تركز على أن الأردن بلد آمن ومستقر ويقدم تجارب سياحية فريدة، ويتطلب ذلك دعم هيئة تنشيط السياحة.
3.الضغط الدبلوماسي والإعلامي لإزالة تحذيرات السفر غير المبررة، وذلك عن طريق وزارة الخارجية وسفراء الدول الغربية في الأردن وسفرائنا في الخارج.
4.إعادة النظر بالضرائب والرسوم وأسعار المياه والكهرباء وتخفيص الضرائب على تذاكر السفر لجعل المنتج السياحي الأردني أكثر تنافسية.
5.تنويع الأسواق وعدم الاكتفاء بأوروبا وأمريكا، بل استهداف آسيا وشرق أوروبا، والتعاون مع شركات الطيران المنتظمة ومنخفضة التكاليف.
6.شراكة حقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص لضمان أن الخطط على الورق تتحول إلى إنجازات على أرض الواقع.
الأردن يمتلك كنوزًا سياحية لا يملكها أحد: البترا، وادي رم، البحر الميت، جرش، الكرك… لكن هذه الكنوز وحدها لا تكفي. المطلوب اليوم إرادة سياسية واقتصادية جريئة تعترف بالمشكلة وتواجهها بخطط عملية، بدل الاكتفاء بتحميل الظروف الإقليمية المسؤولية. فإذا كان الأردن يريد أن يكون على خريطة السياحة العالمية بقوة، فعليه التحرك الآن قبل أن تفوته الفرص