نبض البلد -
حسين هلالات
ما يحصل اليوم في القطاع السياحي الأردني لم يعد مجرد أزمة عابرة، بل هو انهيار صامت يهدد أحد أهم أعمدة الاقتصاد الوطني. البترا، مادبا، وادي رم، البحر الميت... جميعها تدفع ثمن الإهمال، وتواجه مصيرًا قاتمًا في ظل غياب التخطيط، والاستجابة والمحاسبة.
في البترا، المدينة الوردية وأعجوبة الدنيا السابعة، تراجع مقلق في أعداد الزوار، فنادق فارغة، أسواق تحتضر، وأبناء المدينة في حيرة من أمرهم.
في مادبا، مدينة الفسيفساء والتاريخ، لم تعد الفنادق تستقبل الزوار، والحركة السياحية شبه معدومة.
في وادي رم، تلك الصحراء العالمية الساحرة، يئن أصحاب المخيمات والمنشآت السياحية من قلة الحركة وقلة الدخل.
أما البحر الميت، فمعاناة الفنادق والمرافق السياحية تتضاعف، في ظل غياب ترويج حقيقي وارتفاع أسعار النفاذ إليه.
ويكتمل المشهد القاتم حين نُضيف ما تعانيه شركات السياحة الوافدة من شلل، والأدلاء السياحيون من بطالة مقنّعة، ومحلات التحف الشرقية والحرف اليدوية من كساد وإغلاقات متكررة، والمطاعم السياحية من تراجع مرعب في عدد الزوار، أدى إلى خسائر فادحة وتسريح للعمالة في عدة مواقع.
فأين الحكومة؟ أين أصحاب القرار؟
من يُحاسب من اكتفى بالتقارير المضللة؟
من يتحمّل مسؤولية هذا التراجع الكارثي؟
من يُسائل من سمح لناقلنا الوطني برفع الأسعار إلى مستويات لا تشجع أي حركة وافدة؟
نُحذّر من أن استمرار هذا المسار سيقودنا إلى انهيار شامل للقطاع السياحي، بما يحمله من تبعات اقتصادية واجتماعية خطيرة على آلاف الأسر والمجتمعات المحلية.
وعليه، نطالب بـ:
• خطة طوارئ وطنية شاملة تعالج أوضاع البترا، مادبا، وادي رم، البحر الميت، وغيرها من المناطق المتأثرة.
• خطة إنقاذ عاجلة تتضمن مراجعة أسعار التذاكر، حوافز للطيران العارض، دعم مباشر للفنادق، المطاعم، محلات التحف، والمنشآت المتضررة، وتمكين الأدلاء والعاملين.
• عقد مؤتمر وطني للسياحة، يجمع الحكومة والقطاع الخاص وممثلي المجتمعات المحلية، ويضع خريطة طريق قابلة للتنفيذ الفوري.
القطاع السياحي الأردني لا يحتاج إلى شعارات، بل إلى إرادة سياسية حقيقية، ومساءلة فعلية للمقصرين، وتحرك سريع يعيد الثقة ويمنح الأمل.
أنقذوا السياحة... أنقذوا البترا، مادبا، وادي رم، والبحر الميت... قبل أن تتحول أزمات اليوم إلى نكبة وطنية غدًا.