تحت البرق والحرارة.. كأس العالم للأندية تتعثّر في أمريكا

نبض البلد -
فوضى التأجيلات تثير مخاوف جدية من تنظيم كأس العالم 2026
الأنباط – ميناس بني ياسين
مع كل صافرة توقّف وكل إخلاء للملاعب بسبب البرق وكل دقيقة انتظار داخل غرف تبديل الملابس تحت درجات حرارة خانقة، بدت بطولة كأس العالم للأندية 2025 وكأنها إنذار مبكر لما قد يواجهه العالم في مونديال 2026 فمنذ انطلاقتها في الولايات المتحدة، عانت البطولة من سلسلة اضطرابات حادة بفعل ظروف مناخية قاسية وغير متوقعة، كادت أن تُربك جدول البطولة بالكامل، وتطرح تساؤلات خطيرة عن جاهزية البلد المستضيف لأضخم بطولة كروية على الإطلاق.
الوقائع على الأرض كانت صادمة؛ ست مباريات توقفت رسميًا خلال البطولة، أبرزها مواجهة بنفيكا وتشيلسي التي تعطّلت لما يقارب الساعتين بسبب عاصفة برق في مدينة شارلوت وتكررت المشاهد ذاتها في مباريات أخرى مثل أولسان هيونداي وماميلودي صنداونز في أورلاندو، وبوكا جونيورز ضد أوكلاند سيتي في ناشفيل، وسط تأخيرات فاقت أحيانًا الساعة والنصف.
هذه الأحداث كشفت عن هشاشة في التنسيق الميداني وضعف في المرونة التنظيمية، خاصة في ظل بروتوكولات أمريكية تُلزم بتعليق اللعب عند رصد أي برق ضمن نطاق 10 أميال، بالإضافة إلى فشل واضح في التعامل مع موجات الحر والرطوبة المرتفعة.
ردود الفعل كانت قاسية مدرب تشيلسي، إنزو مارسكا، وصف ما حدث بـ"المهزلة"، مشيرًا إلى أن "اللاعبين غير معتادين على هذه الفوضى، ولا يمكن لمباريات عالمية أن تُدار بهذا الشكل" أما اتحاد اللاعبين المحترفين (FIFPRO)، فقد أصدر بيانًا عبّر فيه عن قلقه العميق من استمرار اللعب في ظروف تعتبر "خارج معايير السلامة المناخية"، مشددًا على ضرورة إعادة جدولة توقيت المباريات، وتوفير آليات تبريد فعالة تحمي صحة اللاعبين.
كل هذه المؤشرات تعزز القلق الأكبر؛ إذا كانت بطولة أندية مكوّنة من 32 فريقًا، وفي صيف واحد، قد عانت كل هذه التحديات المناخية واللوجستية فكيف سيكون الوضع في كأس العالم 2026؟ مونديال موسّع يضم 48 منتخبًا، يقام على مدى شهر كامل، في 16 مدينة عبر الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، معظمها تقع في مناطق معرّضة لموجات حر ورطوبة عالية.
بحسب تقرير علمي نُشر في صحيفة The Guardian، فإن 10 من المدن المضيفة لكأس العالم المقبلة تُصنّف ضمن مناطق "الإجهاد الحراري الشديد"، حيث يُتوقع أن تتجاوز درجات الحرارة المحسوسة في بعض المدن مثل هيوستن ومونتيري 49 درجة مئوية، وهو ما يمثّل خطرًا مباشرًا على صحة اللاعبين والجماهير.
وحتى اللحظة لا تزال البنية التحتية في معظم الملاعب الأمريكية تفتقر للحلول المناخية الذكية بخلاف التجربة القطرية في مونديال 2022، حيث طُبقت أنظمة تبريد متطورة داخل أرضيات الملاعب وأجنحتها، فإن أغلب الملاعب الأمريكية هي ملاعب مفتوحة بلا أسقف أو أنظمة تبريد أرضي أو تبريد إشعاعي، وتشير التقارير إلى أن فقط 5 من أصل 16 ملعبًا مزوّدين بتقنيات تكييف فعّالة وهذا يعني أن اللاعبين سيخوضون مباريات مرهقة تحت شمس الصيف، أمام جماهير تعاني بدورها من ظروف غير إنسانية داخل المدرجات.
الخبراء والمختصون يقترحون حلولًا متقدّمة منها تركيب أنظمة تبريد تعمل بالطاقة الشمسية، وتبريد أرضية الملعب تحت العشب، وتغطية الملاعب بسقوف ذكية تسمح بمرور الضوء وتمنع الحرارة، كما دعت منظمات رياضية إلى تعديل أوقات انطلاق المباريات لتُقام مساءً فقط، وتوفير فترات تبريد إجبارية في كل شوط.
رغم كل هذه التحذيرات لم تُعلن الفيفا حتى الآن عن أي تعديل فعلي في خطة مونديال 2026 وإذا لم تتم معالجة هذه الثغرات الجوهرية، فقد تتحول البطولة إلى تجربة منهكة بدنيًا وصحيًا، وتُعرض اللاعبين للخطر، وتُفقد الجماهير متعة الحضور في المدرجات.
في النهاية ما حدث في بطولة الأندية لا يمكن تجاهله أو التقليل منه هو اختبار حقيقي كشف ثغرات عميقة في التنظيم، وأكد أن التحدي في 2026 لن يكون رياضيًا فقط، بل مناخيًا، لوجستيًا، وإنسانيًا بامتياز والوقت لا يزال متاحًا أمام الفيفا وأمام أمريكا لتدارك الموقف قبل أن يُسمع صافرة البداية تحت برق جديد وسماء مشتعلة بالشمس.