على وقع المجازر بغزة.. السلطة الفلسطينية تضع عينها على سلاح المخيمات بلبنان

نبض البلد -
عباس الى بيروت و"حماس" تفضل التوافق والخشية من الفصائل المتشددة

الشوبكي: زيارة عباس تأتي بوقت دقيق وسحب السلاح قرار لبناني وتفاهم دولي

 
القصيفي: المشروع يهدد القضية الفلسطينية وعباس بمواجهة مفترق إقليمي حاسم


الأنباط – رزان السيد

ضمن مساعي الرئيس الفلسطيني محمود عباس في تحسين اوراقه لدى الغرب يسعى لتعزيز موقع السلطة الفلسطينية وحركة فتح داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، اذ يبدو أن قرارًا اتخذ بشأن سحب السلاح من المخيمات هناك استجابة لضغوط أمريكية وغربية وعربية وحتى لبنانية.
فوفق مصادر لبنانية مطلعة، فإن زيارة عباس المرتقبة لبيروت ستشكل محطة مفصلية لوضع الخطط التنفيذية لقرار سحب السلاح من المخيمات.
القرار يأتي في فترة دقيقة مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي بالتنكيل بالفلسطينيين في الضفة ومواصلته الحرب الهمجية على غزة.
وبحسب المصادر، يرجح أن تدار هذه الخطط لسحب السلاح من قبل القيادة الفلسطينية، وتحديدًا حركة "فتح"، بمشاركة لبنانية رسمية.
وأبدت حركة المقاومة الفلسطينية حماس استعدادها للتعاون في هذا السياق، شريطة التوصل إلى اتفاق فلسطيني لبناني مشترك.
وتبقى الأنظار موجهة نحو التنظيمات المتشددة خاصة الاسلامية داخل بعض المخيمات، ومدى تجاوبها مع هذه التوجهات، مع احتمالية لجوء حركة فتح وحلفائها إلى إجراءات حاسمة إذا لزم الأمر.

مخاوف أمنية وتحولات سياسية

وفي هذا السياق، يرى المحلل الأمني والسياسي، محسن الشوبكي، أن زيارة عباس إلى بيروت تأتي في توقيت دقيق، إذ يبدو أن القرار اللبناني بسحب السلاح من المخيمات الفلسطينية أصبح أمرًا محسومًا، مدعومًا بتوافق رسمي لبناني وعربي ودولي على ضرورة ضبط المشهد الأمني الداخلي.
وأشار الشوبكي في حديثه لـ"الأنباط" إلى أن هذه الخطوة، ورغم أنها تحمل طابعًا أمنيًا، إلا أنها تتجاوز البعد العسكري إلى إعادة رسم موازين القوى داخل المخيمات، ما يفتح الباب أمام تحولات سياسية قد تمتد إلى الساحة الفلسطينية الأوسع.
ويضيف الشوبكي أن لبنان يخطو نحو تعزيز سيادته، ولكن بآلية فلسطينية لتجنب التصعيد الداخلي، ما يعكس حرصًا على تحقيق التوازن بين الأمن والسياسة.

دوافع وتكتيكات

وقال الشوبكي إن عباس يسعى لتعزيز موقع السلطة الفلسطينية وحركة فتح داخل المخيمات، خاصة في ظل تحدياتها أمام الفصائل الأخرى، ما يجعل هذه الزيارة نقطة ارتكاز في تكتيكاته السياسية، كما أن التوقيت قد يعكس تفاعلًا مع ترتيبات أوسع في المنطقة، حيث تتداخل الحسابات اللبنانية مع الرؤية الدولية لضبط الملف الفلسطيني.
ولفت إلى أن الرسائل السياسية التي يحملها الرئيس عباس للبنان الرسمي هي تأكيد الالتزام الفلسطيني بإنجاح العملية، وضمان عدم تحولها إلى أزمة داخلية تهدد استقرار المخيمات، وفيما يتعلق بالفصائل الفلسطينية، تعتبر دعوة إلى توافق داخلي يضمن تجنب أي مواجهات، خصوصًا مع موقف حماس، الذي يفتح الباب أمام تفاهم فلسطيني أوسع، مشيرًا إلى أن النقطة الأهم هي إظهار السلطة الفلسطينية للجهات الدولية كطرف قادر على فرض الاستقرار داخل المخيمات، مما قد يعزز موقفها في الترتيبات الإقليمية المقبلة.

تعقيدات المشهد الإقليمي

كما أوضح الشوبكي أن عملية سحب السلاح تعتمد على ثلاثة عوامل رئيسية، وهي التفاهم الفلسطيني الداخلي وقدرة فتح على إقناع التنظيمات الفلسطينية بالتخلي عن السلاح دون الدخول في مواجهة، ومشاركة لبنان في التنفيذ دون أن يتحول الأمر إلى مواجهة مباشرة مع الفصائل، بالإضافة إلى مدى استعداد القوى الإقليمية لدعم تنفيذ الخطة دون إثارة تعقيدات جديدة في المشهد اللبناني.

عقبات وصعوبات

كما لفت الشوبكي إلى وجود العديد من العوائق أمام الرئيس عباس، وهي ان رفض بعض الفصائل التخلي عن السلاح قد يعقد العملية، ما قد يستدعي إجراءات أكثر صرامة، والمخاطر الأمنية في حال تحولت العملية إلى صدامات داخلية غير محسوبة، والحسابات الإقليمية التي قد تلعب دورًا في تسريع أو تعطيل تنفيذ الخطة.
وأوضح ان زيارة عباس قد تكون نقطة تحول في ملف المخيمات الفلسطينية، لكنها تظل رهنًا بمدى نجاحه في خلق توافق داخلي يضمن تنفيذ الخطة بسلاسة، مع تجنب اضطرابات أمنية قد تعيد خلط الأوراق الإقليمية.

قراءة لبنانية للمشهد

من جانب آخر، اعتبر نقيب محرري الصحافة اللبنانية، جوزيف القصيفي، أن زيارة الرئيس عباس تأتي في لحظة سياسية دقيقة، تتقاطع مع تحولات إقليمية كبرى، أبرزها الاتفاق السعودي الإيراني، والتطبيع العربي الإسرائيلي، إلى جانب تطورات الملف السوري.
وأكد أن هذه الزيارة تندرج ضمن مساعٍ لترتيب العلاقة اللبنانية الفلسطينية بما يخدم استقرار لبنان ووحدة أراضيه، ويؤسس لتعاون مشترك في إدارة شؤون اللاجئين الفلسطينيين.

فلسطين في ميزان التحديات

وأشار القصيفي، في مقابلة عبر شاشة تلفزيون فلسطين ضمن برنامج "بوح المقاومة"، إلى أن التنسيق الفلسطيني الداخلي ضرورة لمواجهة محاولات تصفية القضية الفلسطينية، وسط استمرار الضغط الإسرائيلي والأمريكي، كما شدد على أهمية توحيد الموقف الفلسطيني، بما يشمل القوى والفصائل، في ظل غياب قدرة بعض مكونات المقاومة على الإمساك بالقرار الفلسطيني بشكل مستقل.
وأضاف أن "الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يرتكب الجرائم بحق الفلسطينيين واللبنانيين على حد سواء، مستغلًا الانقسام العربي والصمت الدولي".

التوطين وحق العودة

ودعا إلى توثيق هذه الانتهاكات وتقديمها إلى المحاكم الدولية، مثل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، بهدف تحميل إسرائيل المسؤولية القانونية عن جرائمها.
القصيفي أكد أن حق العودة ورفض التوطين لا يزالان يمثلان ثوابت لبنانية-فلسطينية مشتركة، مطالبًا بعقد جلسات تنسيق مشتركة بين الجانبين لتفعيل وتنفيذ القرار الأممي رقم 194، كما شدد على رفض ما وصفه بـ"مشاريع التصفية" وعلى ضرورة مواجهة "اتفاق اللاورقة"، الذي يُخشى أن يُستخدم كغطاء لتهميش حقوق الفلسطينيين.

دعوة للوحدة

وفي ختام حديثه، شدد القصيفي على أهمية المقاومة كسلاح لمواجهة الاحتلال، مثنيًا على دور "حزب الله" وفصائل المقاومة في غزة، وداعيًا إلى وحدة الموقف الفلسطيني في ظل التهديدات الإقليمية، وما وصفه بـ"مشروع استسلامي" تقوده دول عربية، يهدف إلى فرض حلول غير عادلة على الشعب الفلسطيني.
وأشار إلى أن الفلسطينيين واللبنانيين على حد سواء يدفعون ثمن السياسات الإسرائيلية، في ظل تواطؤ دولي وصمت إعلامي، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية باتت قضية أممية تتطلب تحركًا دوليًا جادًا لوقف الانتهاكات ودعم حقوق الشعب الفلسطيني العادلة والمشروعة.