نبض البلد -
عايش: لا يمكن أن تعوض دول الخليج أمريكا عن شُركائها التجاريين
أبو ديه: دول الخليج أصبحت شريكًا سياسيًا واقتصاديًا مهمًا لأمريكا
الأنباط – مي الكردي
تصدعٌ عميق في المسارات السياسية والاقتصادية أحدثتها الزيارة الخارجية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمرة الثانية على التوالي باختياره المملكة العربية السعودية وجهته الأولى ومن ثم اتباعها بقطر والإمارات العربية، خارجًا عن التقليد المتبع لأسلافه باختيار كندا أو المكسيك كوجهة أولى بحكم القرب الجغرافي، إذ سيطرت الاستراتيجية التجارية الاقتصادية على نهج ترامب.
وحصد ترامب خلال زيارته إلى السعودية وقطر والإمارات من خلال الاتفاقيات الاستثمارية ما قيمته 4 تريليونات دولار تركز معظمها في مجالات الدفاع والطيران والذكاء الاصطناعي.
الزيارة الأمريكية تؤكد النهج التجاري الاقتصادي الذي يعد المصلحة الأولى بالنسبة لترامب إلا أن التداعيات السياسية أعمق بكثير، بحسب الخبراء والتي ستشهد توطيدًا أعمق، حيثُ تعتبر مهدًا ومُستهلًا لتغيير خارطة التحالفات العالمية، ضاربةً عمق العلاقات التاريخية للولايات المتحدة مع حلفائها.
وكشف الخبير الاقتصادي حُسام عايش أن الأرقام التريليونية التي حققها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" والطريقة التي تم الإعلان عنها والمناسبات التي تخللت توقيع الاتفاقيات رفعت من نسبة الراضين عن سياساتهِ الاقتصادية في الولايات المتحدة.
وبين أنها تسهم في الادعاءات الداخلية للإدارة الأمريكية والحزب الجمهوري وللرئيس الأمريكي تحديدًا للقول إنه يعمل لصالح الولايات المتحدة وحقق نتائج لم يحققها رئيس سابق من قبل، حيثُ أن عوائد هذه الاستثمارات تصب في مصلحة الصناعة والتجارة، والاستثمارات مما ينعكس على العُمال والاقتصاد الأمريكي.
الرسوم بلا صدد أمام التريليونات
وأشار عايش إلى أنه لم يتم التطرق نهائيًا للرسوم الجمركية التي رفعها ترامب إلى 10% على دول الخليج، حيثُ لم يتنازل عن أي من هذه الرسوم مقابل الاتفاقيات التريليونية، موضحًا أن الرئيس الأمريكي يقدم نموذجًا للاتفاقيات التي يرغب بها مع الدول المختلفة مثل النموذج البريطاني والصيني وصولًا إلى الخليجي.
واضح أن هذه النماذج يريدها الرئيس الأمريكي في إطار مفاوضاته مع الدول الأخرى بشأن العجز في الميزان التجاري والرسوم الجمركية.
ولفت إلى أنه من الصعب اعتبار ورقة الاستثمارات التريليونية بمثابة فوز أو خسارة في حرب الرسوم الجمركية لأن الأمر يرتبط بالتفضيلات العالمية، حيث إذا كانت ترغب دول العالم باستمرار تجارتها مع الولايات المتحدة رغم ارتفاع الرسوم الجمركية ستمضي في تجارتها مع أمريكا.
النموذج الخليجي ينافس الحُلفاء التجاريين لأمريكا
وبين عايش أن الرئيس الأمريكي يعقد صفقات يراها نماذج لـعلاقات اقتصادية تجارية استثمارية مع دول أخرى، مُستطردًا أن العالم أمام نموذج خليجي ربما لم تتقبله دول العالم، نظرًا للأوضاع الاقتصادية ،المالية والاستثمارية في الخليج، مُشيرًا إلى تأثيرها في الاقتصاد العالمي من السعودية بحضورها في مجموعة العشرين، وقطر ضمن أكبر مصدرين للغاز المسال في العالم، والإمارات ضمن أكثر الدول حضورًا في العالم من حيث الرفاهية وتقنيات الذكاء الاصطناعي والتقني.
وأوضح أنه لا يمكن لدول الخليج أن تعوض الولايات المتحدة عن حلفائها التاريخيين أو شركائها التجاريين الكبار الصين، الاتحاد الاوروبي، وبريطانيا، نظرًا لحجم التبادل التجاري بينهم.
وأفاد عايش أن دول الخليج تريد أن توسع حجم التبادل التجاري مع الولايات المتحدة في ظل انفتاحها تجاريًا مع دول أخرى، حيثُ أن التبادل التجاري الخليجي الصيني أكبر من الخليجي الأمريكي، مُبينًا أن هذه الدول تحاول أن تتموضع على وقع سياسات الرئيس الأمريكي وأن تقلل المستوى الأدنى من الاحتكاكات الممكنة بين الإدارة الأمريكية والسياسات في هذه الدول.
وأشار إلى أن هذه الاتفاقيات ستسمح بحرية أكبر لدول الخليج في علاقاتها التجارية، الاقتصادية، والاستثمارية مع الدول الأخرى وبذات الصين والهند، مؤكدًا أن هذه الاتفاقيات ستشكل انتصارًا للرئيس الأمريكي سيتباهى به دون أن تحل بديلًا عن علاقاتها مع الدول والكيانات الاقتصادية الكبرى وإن كانت ستعطي الإدارة الأمريكية دفعة إلى الأمام بتسويق النموذج الاقتصادي الجديد الذي يدعو إليه ترامب.
الاستثمار الخليجي يسد حاجة السوق الأمريكي
من جهة أخرى، يرى الخبير الاقتصادي منير أبو ديه أن تعهدات الاستثمار من الدول الثلاث سيكون لها آثار إيجابية على الاقتصاد الأمريكي من حيث حجم الاستثمارات في ظل توقيت يحتاجه السوق الأمريكي من هذه الصفقات.
ووصف زيارة الرئيس الأمريكي إلى دول الخليج الثلاث (السعودية، قطر، والإمارات) بالناجحة اقتصاديًا، حيثُ كسب اتفاقيات ستسهم في دعم الاقتصاد الأمريكي في هذه المرحلة من زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتدفقات الاستثمار الخارجي للولايات المتحدة، مؤكدًا أن الزيارة ناجحة بحجم الصفقات والوعود بالاستثمار داخل السوق الأمريكي من قبل دول الخليج الثلاث على المدى القصير والبعيد.
دول الخليج تُقصي بريطانيا في الزيارة الأولى
وبين أبو ديه أن الصفقات والعلاقات الاقتصادية بين دول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية ستعطي دفعة قوية باتجاه علاقات سياسية قوية متينة، لافتًا إلى الزيارة الخارجية الأولى للرئيس الامريكي عادة ما تكون لـبريطانيا وفي هذه المرة اختار دول الخليج.
التحالف الاقتصادي يعمق الترابط السياسي
وأشار إلى أن دول الخليج أصبحت بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية شريكًا سياسيًا واقتصاديًا مهمًا، مؤكدًا وجود تداعيات إيجابية أكبر على العلاقة بين دول الخليج والولايات المتحدة، حيثُ ستزداد توطيد العلاقات السياسية كحليف استراتيجي مهم في العالم، موضحًا أنه ما تم من خلال الزيارة من صفقات وتوقيع اتفاقيات وإظهار لمدى التحالف الأمريكي الخليجي سيحمل تأثيرات على خارطة العالم بشكل التحالفات.
وشدد أبو ديه على أن زيارة الرئيس الأمريكي تعتبر نقطة تحول استراتيجية في العلاقات السياسية والاقتصادية بين أمريكا والخليج العربي، متوقعًا أن يُنتج عن التحالف الخليجي الأمريكي قيمة مضافة لاقتصاديات (السعودية، قطر، الإمارات).