حرب أخرى.. ما قصة الهند والباكستان؟

نبض البلد -

لا شك ان صور ضحايا الهجوم الخمسة وعشرين  قد أشعلت الرأي العام في الهند المعبأ أصلًا ضد المسلمين، في المقابل  فإن صور المساجد المحترقة وضحايا الضربات الهندية على الباكستان، فقد أشعلت الرأي العام الباكستاني، وما أوقد هذه الحرب العقائدية من جديد هو مشكلة إقليم كشمير ، " القنبلة الموقوتة التي تركها البريطانيون حين غابت الشمس عن امبراطوريتهم".

بالإضافة إلى ذلك فإن التنين الصيني يسيطر على ما نسبته حوالي ٢٠٪ من الإقليم تحديدًا أكساي تشين وديمشوك ووادي شاكسغام، ،الهند تسيطر على حوالي ٤٣٪ جامو، ووادي كشمير ولاداخ ونهر سياتشين، والباكستان تقريبًا ٣٧٪ آزاد كشمير، جيلجيت بالنستان.

 

كان هجوم باهالغام في 22 نيسان/ ابريل على وجهة سياحية شهيرة في كشمير ضمن المنطقة التي تسيطر عليها الهند في حد ذاته الشرارة التي سرّعت في الانفجار،  وذلك في ظل تعبئة شعبية واسعة لدي مواطني الدولتين، استهدف مسلحون يرتدون الزي الرسمي المدنيين، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 25 شخصًا من الجنسية الهندية . كان جميع الضحايا من الرجال، وقُتل أغلبهم امام زوجاتهم، كما المسلحون أنهم ليسوا مسلمين " مما لم تقتنع به الهند " كان الهجوم الأكثر دموية على المدنيين في المنطقة منذ هجمات مومباي عام 2008.

 

السؤال الأكثر منطقية، هو لماذا تأخر رد  الهند على هذه الهجمات إلى اكثر من عشرة ايام؟ أحد هـذه الأسباب بحسب مصادر غربية، كان خشية الهند من الاحراج الدولي الذي حدث بالفعل، لا سيما أنها على دراية بضعف قدرات جيشها وقلة خبرتهم فيما يخص الطلعات الجوية، وتحديدا قيادة الطائرات من طراز رافال الفرنسية وسوخوي -35  الروسية، وهي الوسائل القتالية التي كانت تراهن عليها لضرب العمق الباكستاني، إلا ان باكستان وفي أول صد للهجوم الهندي أسقطت هذه الطائرات حتى قبل وصولها الحدود الباكستانية، مما أعاد للأذهان إحراجا مماثلا تعرضت له الهند من قبل جارتها وعدوتها اللدود سنة 2019 .

يمكن اعتبار الضربات الهندية ، وإسقاط الطائرات الهندية من قبل الجانب الباكستاني مخرجا منطقيا وسيناريو مالوف لإنهاء هذه الحرب بين الطرفين .

وفي تصريح له، قال وزير الخارجية الهندي، فيكرام مصري، إن هذه الإجراءات كانت محسوبة وتتناسب مع الهجوم الباكستاني ولا رغبة لديهم في التصعيد .

على الجانب الاخر، حاول المسؤولون

العسكريون والمدنيون الباكستانيون المحافظة على رواية التفوق، مركزين على ما أسموه النصر الكبير لباكستان في إسقاط الطائرات الهندية.

من هنا يتبين لنا ان الطرفان قد حاولا استرضاء الرأي العام في بلادهما ويمكن توقع السيناريو المقبل ان يكون على شكل استفزاز من أحد الطرفين، يليه رد فعل انتقامي، ثم توجيه أنظار العالم اليهما  " وهو ما يحدث الان "، ثم يليه خفض للتصعيد والعودة إلى حالة لا حرب ولا سلم ، هذه هي الحلقة التي يدور فيها البلدان منذ سنوات دون وجود حل حقيقي لما  يغلي تحت الرماد .

معركة نووية.. ما الاحتمالات؟

 

لا يوجد قلق عام من استخدام الطرفين للسلاح النووي ، فمنذ عام 1945 اعتبر السلاح النووي وسيلة لتحقيق الردع والاستقرار الاستراتيجي، يُجمع الخبراء على ان الطرفين قوميين ولكنهما ليسا انتحاريين، فيمكن اعتبار ما يحدث اليوم اختبارا حقيقيا للردع بعيدا عن السلاح النووي .

لم يصف ترامب الهجمات الباكستانية انها - ارهابية - بل اكتفى بوصف ما يحدث على انه مُخز، مما فتح باب التكهنات على حقيقة العلاقات الأمريكية الباكستانية والأمريكية الهندية وذلك في ظل توجه الاغلبية نحو اعتبار الأخيرة علاقات عميقة.  إلا انني أراها غير متكافئة البتة بل هي حتى الان لا تتعدى كونها علاقة براغماتية لاستفزاز الصين، وصورة تجمع مودي وترامب في البيت الأبيض، في حين ان باكستان يبدو انها قد رسخت تحالفات جدية على مدار العقود الماضية مع الصين والسعودية وغيرها من الدول التي تقع ضمن أولويات السياسة الخارجية الأمريكية، ولا اعتقد أنه وقتا مناسبا لانشغال الأطراف في حرب يمكن ان يصل مداها إلى حرب بالوكالة بين الصين واميركا، وحقل تجارب لأسلحة متطورة يزود بها الطرفان الهند وباكستان، وذلك في ظل انشغال واشنطن بالعديد من الملفات كحرب التعرفة الجمركية، والمفاوضات النووية الإيرانية بالإضافة إلى حرب روسيا واوكرانيا، وبالتأكيد حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، وأن تعدد الملفات وتشعبها تُنذر بفشل وشيك على الاقل في احداها .

 

بحسب صحيفة نيويورك تايمز ، قال محمد سعيد، وهو جنرال متقاعد شغل منصب رئيس الأركان العامة للجيش الباكستاني، إن الجانبين سيحتاجان إلى مساعدة لكبح التوترات.

وقال سعيد: "يجب على المجتمع الدولي أن يفهم، أنه بغض النظر عن مدى تشتت انتباههم مع أوكرانيا أو أي مكان آخر، أن هذه الأزمة التي تختمر لها آثار هائلة". "إذا تحولت المنطقة إلى حرب مفتوحة، ولم يكن هناك إطار لإدارة الأزمة، فماذا بعد ذلك؟" هل سيستمر طيران الوسطاء من واشنطن ولندن وروما في كل مرة؟"

تدخل الدول الحلفاء لكلا الجانبين للمساعدة في التوصل إلى اتفاق لإنهاء النزاع يراه كثيرون أمرًا بالغ الأهمية في الوقت الحالي، ويمكن ان يفتح باباً لتسجيل تعاون أمريكي صيني تاريخي لإنهاء ازمة ، مما يمكن البناء عليه مستقبلا كبادرة حسن نية من قبل الطرفين.