م. عدنان السواعير يكتب :عيد العمال ومسؤولية التغيير

نبض البلد -
عيد العمال ومسؤولية التغيير
يطلّ عيد العمال هذا العام والأردن يمرّ بمرحلة دقيقة، تتقاطع فيها رهانات الإصلاح السياسي مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة، في ظل وضع إقليمي متوتر وظروف عالمية زادت من أعباء الداخل. لكنه أيضًا يأتي في وقت نلمس فيه حِراك حزبي جديد فلأول مرة، نبدأ بقطف أولى ثمار التحديث السياسي ضمن مرحلة جديدة عنوانها: المسؤولية الحزبية والبرامجية.
في ظل هذه التحديات ونحن نشهد تصاعدًا في نسب البطالة، وتباطؤًا في وتيرة النمو الاقتصادي، الأمر الذي ألقى بثقله على الطبقة العاملة تحديدًا، حيث باتت الفجوة تتسع بين متطلبات المعيشة ودخل الفرد، في وقت تتناقص فيه فرص العمل في القطاعين العام والخاص على حد سواء، إلى جانب تدني الأجور وارتفاع تكاليف المعيشة وضعف الحماية الاجتماعية وغياب الاستقرار الوظيفي مما يجبر شبابنا على مغادرة الوطن بحثًا عن الأمل.
جيل الشباب اليوم يقف أمام مفترق طرق عسير، يحمل شهاداته ولا يجد وظيفة، يحمل طاقته ولا يجد من يحتضنها، يحمل حلمه ولا يجد منصة. لا يجوز أن تبقى البطالة عنوانًا دائمًا لهذا الجيل، ولا أن تظل الهجرة هي الأمل الوحيد. المطلوب اليوم برنامج وطني شامل يعيد دمج الشباب في سوق العمل، ويحولهم إلى قوة إنتاج لا إلى قوة انتظار.
أما الأحزاب، فإننا اليوم أمام مسؤولية وطنية تقتضي تمكين الحياة الحزبية بشكل متكامل، وهذا يشمل دعم الأحزاب الممثلة في البرلمان وتشجيعها على تطوير برامجها بما ينسجم مع طموحات المواطن، وفي ذات الوقت إتاحة المجال أمام الأحزاب التي لم تصل إلى البرلمان بعد لتقديم نفسها ومخاطبة الناس بحرية وعدالة. فالتجربة الديمقراطية تكتمل فقط حين تتوفر بيئة منافسة نزيهة ومفتوحة، ويُمنح الجميع فرصاً متكافئة للعمل الحزبي والسياسي.
لا يخفى على أحد كيف تكافح المنشآت الاقتصادية المحلية للاستمرار، كل ذلك يُعيد التأكيد على ضرورة الانتقال إلى دولة إنتاج حقيقي، قائمة على دعم الصناعة والزراعة والسياحة والخدمات كالصحة والنقل والتعليم، وإعادة النظر في السياسات الضريبية والتشريعات الناظمة لسوق العمل، إن عيد العمال 2025 ليس مناسبة عادية، بل دعوة للمكاشفة والمحاسبة وهي تذكير مستمر بأهمية العمل والعمال في نهضة الوطن ودعوة دائمة إلى تعزيز العدالة الاجتماعية، وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة. 
يجب أن تكون هذه المناسبة فرصة للعودة إلى جوهره: العدالة الاجتماعية والاقتصادية، عمال اليوم في الأردن لا يطالبون إلا بحقوق أساسية: أمان وظيفي، أجر عادل، بيئة عمل تحفظ كرامتهم، وفرصة للمشاركة الحقيقية في القرار العام. وهذا لن يتحقق إلا إذا انطلقت الأحزاب السياسية من قضايا الناس، وتحوّلت إلى أدوات حقيقية في بناء السياسات العامة وصنع القرار.
في هذا اليوم، نقف وقفة تأمل وتقدير لكل عامل وعاملة، ونجدد الدعوة إلى تحسين ظروف العمل، وتوفير بيئة عمل آمنة وعادلة، تضمن الحقوق الأساسية للعامل، وتعزز من إنتاجيته ومساهمته في بناء الوطن، كما نؤكد على أهمية الحوار الاجتماعي بين الحكومة وأصحاب العمل وممثلي العمال، للوصول إلى حلول مستدامة تعالج التحديات الراهنة، وتحقق التوازن بين مصالح جميع الأطراف. ولأن الأردنيين اعتادوا الوقوف في وجه الأزمات، فإن هذا العيد هو المناسبة لتجديد العهد بأننا معًا سنواصل بناء الوطن على أسس من الإنتاج والكفاءة والتضامن.
عاش الأول من أيار، عاشت الحركات العمالية، وعاش الوطن الذي نستحق.
#عيد_العمال #الأردن #الشباب #الإصلاح_السياسي #الدولة_المنتجة
 م. عدنان السواعير
الأمين العام 
الحزب المدني الديمقراطي الأردني