آيا صوفيا هوية تُثير جدلاً !

نبض البلد -
د. عصام الغزاوي.

لم يدخل سيدنا عمر بن الخطاب بيت المقدس غازياً وانما محرراً بدلالة مساعدة القبائل العربية المسيحية لجيشه في طرد الرومان، ولم يقبل رضي الله عنه ان يصلي في كنيسة القيامة حتى تبقى الكنيسة خاصة بالمسيحيين لا يتنازعها معهم المسلمون مستقبلاً، وقد تعهد في وثيقة العهدة العمرية التي أعطاها للبطريرك صفرونيوس ولمن بعده حرية المعتقد وحرية ممارسة الشعائر الدينية وسلامة المقدسات المسيحية إقراراً لمبدأ قبول تعدد الأديان، كافة الرسالات السماوية مصدرها واحد، تدعوا لعبادة نفس الإله وتحث على الفضيلة والمحبة والتسامح، لو شاء الله تعالى لجعل البشر كلهم على دين واحد وقلب واحد وفكر واحد ومبدأ واحد، إن أراد الله بِنَا هذا التعدد فذلك من أجل التكامل وليس من أجل أن يكون سبباً للإختلاف والإقتتال وإنتهاك القيم الإنسانية وحرمة دور العبادة، للاسف البذخ في بناء الاف المساجد والكنائس وزخرفتها لم يمنع إنحدار الاخلاق والمبادئ، وسلوك الكراهية وسفك الدماء، لذلك لن يُشكل صدور قرار المحكمة الادارية التركية بتحويل ايا صوفيا الى مسجد أية إضافة للإسلام ولن ينتقص من المسيحية شئ، كما لم يشكل تحويل مسجد قصر الحمراء في غرناطة الى كنيسة سانتا ماريا ومسجد قرطبة الى كاتدرائية مريم وجامع إشبيلية إلى كنيسة ماريا، وتحويل مساجد اليونان ومعظم دول شرق اوروبا الى كنائس ومتاحف ومعارض بعد خسارة الدولة العثمانية للحرب اية اضافة للمسيحية، هناك مئات المساجد حول العالم تحولت إلى دور عبادة لأديان أخرى، وبالمقابل هناك مئات الكنائس ودور العبادة الاخرى تحولت إلى مساجد، آخر اهتمامات الغرب هو دور العبادة ومعظم مساجد امريكا واوروبا كانت كنائس باعها القائمون عليها وحولها المسلمون لمساجد لإقامة الصلوات فيها، لذلك لا داعي لإثارة المناكفات الدينية وتحويل موضوع ايا صوفيا لقضية رأي عام نختلف فيه، الموضوع ابعاده سياسية وليست دينية، آيا صوفيا منذ ٧٠٠ عام لم تعد كنيسة لكنها حافظت على روعة إرثها وغرابة امتزاج الطابع الإسلامي والمسيحي فيها، والمفروض المحافظة على هذا الطابع التاريخي الفريد، الشئ الوحيد الذي يستحق التفاعل معه ورفضه وإدانته بشدة هو انتهاك العدو الصهيوني لحرمة مقدساتنا الاسلامية والمسيحية في القدس والاراضي الفلسطينية المحتلة وتحويل هويتها، وإحترام معتقد الآخر، الله تعالى واحد وهو معنا في كل مكان بعلمه واطِّلاعه، وليس بذاته، يعلم أحوالنا، ويعلم ما في قلوبنا، ومخطئ من يدعي أنه حكراً له وحده !!!