تُناقش نشرة معهد العناية بصحة الأسرة، مؤسسة الملك الحسين، اليوم الإثنين، قضية غاية في الأهمية، وهي مشاعر الأطفال وكيفية تعليمهم التعبير عنها، إضافة إلى إرشادات تتعلق بتعزيز آليات التعبير عن المشاعر عند ذات الفئة.
تُعد مرحلة النمو الانفعالي للطفل من المراحل النمائية المهمة، وفي هذه المرحلة يطور الأطفال مشاعرهم التي تلعب دوراً كبيراً في تعزيز الثقة والإستقلالية والإحساس بالأمان وتكوين الشخصية.
أهمية التنشئة في التعبير عن مشاعرنا:
عندما نُعبّر عن مشاعرنا فإن ذلك يساعدنا على فهم ذواتنا ويسهل علينا عملية التواصل مع الآخرين ويُعد مصدراً للسعادة أو الحزن. أما اذا قمنا بإخفاء مشاعرنا أو كبتها عن أطفالنا فقد يظنون أننا لا نحبهم، وقد يقرأ الأطفال ذلك من خلال نبرات أصواتنا أو لغة أجسادنا أو تعبيرات وجوهنا.
من الطبيعي أن ينشأ الأطفال في أسر يسودها المحبة والدعم ويظهرون العاطفة كجزء من حياتهم اليومية، حيث يقوم كلٌ من الأب والأم باحتضان الأبناء ويداعبوهم ويخبروهم أنهم يحبوهم ويظهرون الحب قولاً وفعلاً، وهناك أطفال ينشأون في أسر عكس ذلك تماماً حيث لا يعبر الوالدان عن حبهما لأبنائهما، وينشأ هؤلاء الأطفال ولديهم مشاعر من الإحراج في التعبير عن مشاعرهم وعواطفهم، وعندما يكبرون ويتزوجون فإنه يكون لديهم نفس التردد في اظهار مشاعرهم وتبقى تلك المشاعر مكبوتة ومخفية.
لماذا علينا تعليم الأطفال التعبير عن مشاعرهم بدقة؟
عندما نعلم أطفالنا ذلك سيسهل عليهم التواصل مع الآخرين وتقبل أنفسهم ومشاعرهم كما هي دون خجل منها أو خوف من إظهارها في المستقبل، ويحتاج ذلك في البداية لكثير من الوقت والدعم، لأن الأطفال يكونون في مرحلة استكشاف المشاعر ولا يستطيعون التمييز بينها ولا حتى معرفة أسمائها.
التعبير عن المشاعر ليس عيبا:
يتعامل الطفل بشكل عام مع مشاعره بخجل، ويتضاعف هذا الخجل في العالم العربي حيث اعتدنا على سماع الأهل والأقارب يوبخون الطفل الذي يبكي بأقوال مثل: " لا تبكِ. أنت رجل"، "يجب عليك أن تكون قوياً".. أما الطفلة أو الفتاة فتنشأ على أن الضحكة "عيب" إن كانت بصوت مرتفع.
إذن كيف يمكننا مساعدة الطفل بالتعرف على مشاعره؟
علينا أن نتذكر أن تعبير الطفل عن مشاعره بوضوح يحتاج لمساحة كافية من الأمان والشعور بالحب غير المشروط الذي يساعده على التعبير عما يريد بصراحة تامة، ويأتي ذلك من خلال منح الثقة والأمان لطفلك خلال السنوات الأولى.
وفيما يلي بعض الطرق والوسائل التي تساعدنا في تعليم أطفالنا كيفية التعبير عن مشاعرهم:
1- الإهتمام والإنصات لأطفالنا
- إن الاستماع إلى الطفل بملاحظة واهتمام وبتعاطف يعطيه مزيدًا من الحرية والرغبة ثم القدرة على التعبير.
- الإنصات الجيد له حين يتحدث، مع الإيماء بالرأس والابتسام لحثّه على التعبير.
- الإبقاء على الاتصال البصري مع الطفل أثناء حديثه وعدم الانشغال بشيء آخر.
- تجنب إصدار الأحكام وعدم التوبيخ عما يقوله الطفل مهما كان.
- أعد له ما قال بصياغتك ليعرف أنك تستمع جيدًا.
2- تعريفهم بأنواع المشاعر عن طريق الأشكال
- الوجوه المعبرة
يستطيع الطفل بعمر 3-5 سنوات تمييز تعبيرات الوجه وما تعبر عنه من مشاعر، ولذا نستطيع استخدام أشكال الوجوه المختلفة لتعريفه على أنواع المشاعر، ويمكن لصقها على مكعب بحيث يكون كل رسم/وجه ملصقاً على وجه من أوجه المكعب، ونسميه مكعب المشاعر، أو رسم الوجه المعبر على لوحة كرتون.
- الحكايات والتركيز على ما فيها من مشاعر، مثل:
وبكت القطة لأنها كانت حزينة جدًّا.
القطة تبكي أحيانًا حين تكون حزينة، لأنها لا تستطيع العثور على أصدقائها.
ظل القرد يقفز، لأنه كان سعيدًا، وكان مبتسمًا وهو يقفز لأنه كان سعيدًا.
- بطاقات التعبيرات:
وهي رسومات نعرضها للطفل، ونطلب منه أن يخبرنا ما المشاعر التي تعبِّر عنها هذه الصور، ويمكننا إعطاء خيارات مثل سعادة، إحباط، وخوف، وحب. كما يمكن عرض بطاقات المشاعر مكتوباً فيها نوع من المشاعر كالفرح، والحب، والدهشة، والحزن، والإثارة، والغضب، والقلق، ونسأل الطفل: ما الذي يمكن أن يجعلك تشعر بهذا؟ ويمكن أن تكون الكلمات مصحوبةً بصور معبرة عنها.
3- تعريفهم بطرق التعبير عن المشاعر
- تشجيعهم على الرسم:
علينا تشجيع أطفالنا على رسم ما يحبونه، فقد يرسم مثلاً ما حدث معه اليوم في الحضانة أو المدرسة أو في البيت.
- الكلمات:
من خلال مساعدتهم على التعبير بالمرادفات المناسبة لمشاعرهم. نعلمهم أن الكلمات تعبر عما نشعر به، كأن نقول له مثلاً حين نشعر بالحب: "أنا أحبك".
- ساعة المشاعر:
بإمكاننا استخدام هذه الطريقة كأن نقول للطفل "لو كنت حزيناً فسأوجه عقرب الساعة إلى هذا الوجه، وإذا كنت مندهشاً فسأحركه إلى هذا الوجه"، ونطلب من الطفل أن يشير إلى أي الوجوه تعبِّر عما يشعر به الآن ولماذا.
يمكنك تصوير طفلك في حالات مزاجية مختلفة وتسمية كل شعور لكل صورة، ومساعدة الطفل في وصف الشعور الذي يشعر به.
إرشادات مهمة تزيد من آليات التعبير عن المشاعر لدى أطفالنا:
- يجب علينا التعبير لهم عن مشاعرنا منذ اولى مراحل طفولتهم: أحبك... كم أنا سعيدة بك.
- حثهم على التعبير عن مشاعرهم للأهل والأصدقاء، وذلك في شكل بطاقات أو رسائل وهدايا وكلمات في المناسبات الخاصة وفي غير المناسبات.
- جلسة أسرية يومياً لمدة دقائق نسمِّيها أفضل وأسوأ ما حدث اليوم، ويعبِّر فيها كل الأفراد بلا استثناء عما واجهوه من أحداث (بشكل مبسط وسريع إن تعذر الوقت).
- مساعدتهم في كتابة ما يُشبه المذكرات بشكل يومي عن مشاعرهم تجاه أحداث اليوم.
- في مرحلة متقدمة عندما ألاحظ أن الطفل يستطيع استيعاب الأمور بشكل أفضل، أعرض عليه صورا للمشاعر المختلفة وأسمي كل شعور في الصورة، وأسأله في أوقات مختلفة في اليوم أن يختار الصورة التي تعبّر عن مشاعره الحالية.
- استخدام بعض الأنشطة والقصص التي تشجعه على التعبير عن مشاعره وفهمها بشكل أفضل، وأشجعه على استخدامها في التعبير عن نفسه. عندما يتعرض لموقف ما أسأله عن شعوره.