من الدروس المستفادة في زمن جائحة كورونا ضرورة الإعتماد على الذات والعودة للزراعة كهدف إستراتيجي وطني بإمتياز لرؤى ملكية سامية إستشرافية أطلقها جلالة الملك المعزّز مراراً وتكراراً، والرسالة الملكية كانت واضحة للتوجّه صوب إستثماراتنا في كلّ من قوانا البشرية ومواردنا الطبيعية المتوفّرة ونشاطنا الإقتصادي والزراعي، وإستثماراتنا لغايات تعظيم مواردنا كمؤشر على إحتمالية إنحسار المنح والمساعدات ونضوبها يوماً ما؛ فالواجب الوطني يقتضي أن نعود جميعاً لتجربة الإعتماد على الذات كي لا تنضب مواردنا ونبقى منتجين دون الحاجة لأحد:
1. الرؤى الملكية الإستشرافية في الإعتماد على الذات في زمن كورونا جاءت في وقتها حيث تلاطم أمواج التحديات الخارجية في إقليم الشرق الأوسط والتي يعلمها الجميع، وكذلك التحديات الداخلية وتحديداً الإقتصادية منها وتوفير فرص العمل للشباب العاطل عن العمل في ظل عجز الموازنة والمديونية التي تفاقمت اتصل حوالي المائة بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي ومؤشرات إحتمالية إنحسار المنح والمساعدات الخارجية.
2. الإعتماد على الذات يعني التعامل بدبلوماسية مع تبعات عدم الإستقرار مستغلين ظرف كورونا في إقليم ملتهب وتدفّق أمواج المهجّرين قسرياً، وتبعات موقف الأردن والمشرّف نُصرة للقدس والمقدسات والقضية الفلسطينية في خضم التلويح لصفقة القرن وضم غور الأردن لإسرائيل؛ والذي تصدّى له الأردن على لسان جلالة الملك بقوّة.
2. الإعتماد على الذات يحتاج لخطة إستراتيجية حكومية وأهلية وبتشاركية، ويحتاج لهبّة وفزعة وطنية أساسها الإستثمار بالقوى البشرية الكفؤة من خلال التعليم بشقيه العام والعالي وكذلك إمتلاك مهارات العصر الناعمة والخشنة والتي باتت مطلوبة جداً في زمن كورونا للإعتماد على الإقتصاد الرقمي.
3. الإعتماد على الذات يحتاج لرسم ملامح مشرقة لنمو إقتصادي معتمدين على الزراعة وزيادة فرص العمل ومحاربة الفقر وزيادة الصادرات وغيرها لغايات تعظيم الإيرادات المحلية، وبالطبع لا يمكن أن يتم ذلك إلّا بزيادة الفرص الإستثمارية ومنح التسهيلات والبيئة المناسبة للمستثمرين والحفاظ عليهم؛ وخصوصاً أن الإستثمار في زمن كورونا قد تراجع بالرغم من الجهود المخلصة المبذولة من هيئة الإستثمار وصندوق إستثمار أموال الضمان الإجتماعي وغيرها بسبب توقّف حركة التنقل بين الدول والتخوّفات من التسهيلات والضرائب وغيرها.
4. الإعتماد على الذات يعني مواجهة التحديات الجسام في النمو الإقتصادي وتحديات قطاعات النقل والطاقة والمياه المستنزفة للموازنة! وهذه القطاعات واجهت تحديات جسام أكبر في زمن كورونا
5. الإعتماد على الذات يعني التركيز على السياحة العلاجية والسياحة التعليمية والإستثمارات وغيرها والمحافظة عليها، ويعني محاربة الفساد والتهرب الضريبي لغايات تعظيم الواردات المحلية للموازنة العامة للدولة؛ وكل ذلك مطلوب أيضاً بعد كورونا لتعظيم المدخولات للدولة.
6. الإعتماد على الذات يعني العودة إلى الأرض والزراعة والحاكورة المنزلية وآبار التجميع والحصاد المائي والإنتاجية، ويعني تعظيم التعاونيات والإسكانات وفرص العمل والثروتين الحيوانية والنباتية؛ ويمكن أن القيمة المضافة من الزراعة بعد زمن كورونا ستكون الأكثر نجاحاً وإستدامة وخصوصاً إذا ما ربطت بأدوات ووسائل تكنولوجية على سبيل الجودة وحجم الإنتاجية.
7. الإعتماد على الذات يعني شدّ الأحزمة وضبط الإنفاق من قبل الجميع حكومة وشعباً! ويعني ترشيد كل المصروفات لغايات عدم الحاجة للآخرين بدءاً من قمحنا ورغيف خبزنا ووصولاً إلى إكتفائنا الذاتي؛ وهذا تجلى بعد جائحة كورونا ودروسها المستفادة.
8. الإعتماد على الذات يعني الكثير الكثير، ويعني مشاركة الجميع في هذا الجهد الوطني الكبير والمترادف لغايات الوصول للنتائج المرجوة لنأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع؛ وحان الوقت بعد زمن كورونا بأن يلتزم الجميع في التغيير والتغيّر للأفضل بعد كورونا.
بصراحة: دعوات جلالة الملك حفظه الله ورعاه للإعتماد على الذات إستباقية وإستشرافية وتضعنا جميعاً حكومة وشعباً على المحك الوطني لغايات إثبات مواطنتنا ووطنيتنا على الأرض، بمعنى أن طريقنا للمستقبل هو التركيز على الإنتاجية والإبداع والعودة للأرض والإعتماد على الموارد البشرية والطبيعية المتاحة؛ وهذه الرؤية الصالحة لما بعد كورونا..