الدكتور محمد طالب عبيدات

عودة الحياة للمؤسسات التعليمية في زمن كورونا

نبض البلد -
العودة بالحد الأدنى للمؤسسات التعليمية الجامعية والتربوية هو القرار الذي تم اتخاذه لهذه اللحظة كنتيجة لمؤشرات حصر فايروس كورونا في الأردن؛ بمعنى أن يتم عودة عدد قليل جداً من الإدارات الجامعية للحاجة الماسة للجامعات لغايات تصريف أعمالها بما يخص تطبيق قرارات مجلس التعليم العالي بخصوص الامتحانات لهذا الفصل الدراسي والتحضير لترتيبات الإعلان عن عودة الطلبة في الفصل الصيفي؛ وكذلك الأمر بخصوص المدارس والتي ستبقى مغلقة وسيعود الحد الأدنى لمديريات التربية وبعض من الإدارات المدرسية لغايات تصريف أعمال ما يطلب منهم بالحد الأدنى؛ وهذا طبعاً لا يعني البتة عودة الحياة للجامعات والمدارس في الوقت الحاضر؛ إذ أن الجامعات والمدارس تشكّل أكبر تجمعات لا يمكن أن تعود لها الحياة الطبيعية إلا بعد التأكد بالعمق بأن الفايروس قد ولّى ولم يعد موجوداً وأن عودة الطلبة لا تؤثر على سلامة وصحة الطلبة أنفسهم وأسرة الجامعة والمدرسة والمجتمع والوطن.

القرارات التي تم اتخاذها على مستوى الجامعات كانت واضحة جداً من حيث المضي قدماً بالتعليم عن بُعد وإجراء الامتحانات النهائية عن بُعد أيضاً؛ وبأنه لا عودة للطلبة للحرم الجامعي إلا في الفصل الصيفي إذا سمحت الاشتراطات الصحية والسلامة العامة بذلك؛ وأن تقوم مجالس العمداء في الجامعات للترتيب لذلك بما يتواءم مع هذه القرارات؛ وبادرت إدارات الجامعات بالترتيب لتنفيذ هذه القرارات من خلال مجالس العمداء؛ فقرار العودة للجامعات بالحد الأدنى أفرح أسر الجامعات من إدارات جامعية وأعضاء هيئة تدريس وعاملين وطلبة على السواء؛ فعودة الحياة للمؤسسات التعليمية يعتبر بارقة أمل صوب العودة المستقبلية للحياة الجامعية ليعود الحرم الجامعي ينبض بالحياة بعد أن عاش كآبة على مدار قرابة الشهرين.

كما أن القرار يخدم الجامعات للتحضير والإعداد لقرارات تنفيذية في الجامعات من حيث وضع برامج الامتحانات النهائية وطبيعتها والطلب من أعضاء هيئة التدريس البدء بالإعداد لهذه الامتحانات وفق إطار موحد لتكون الامتحانات عن بُعد ناجحة في قياس جودة المخرجات التعليمية وسلامة إجراءاتها والتأكيد على الالتزام الأدبي والأخلاقي ومواثيق الشرف والضمير الحي من قبل الطلبة بذلك؛ وقرار العودة بالحد الأدنى للجامعات يعطي الفرصة أيضاً للجامعات للعمل على إعداد برامج تدريس الفصل الصيفي من حيث إطارها الزمني وطبيعة وأوقات محاضراتها والكادر التدريسي وغيره؛ وهذا بالطبع سينعكس على ترتيبات الطلبة أنفسهم للفصل الصيفي سواء ممن هم داخل الأردن أو خارجه من الطلبة الأردنيين أو الوافدين.

والعودة للحرم الجامعي وإن كانت بالحد الأدنى حتماً ستأخذ بعين الاعتبار وسائل الصحة والسلامة العامة والأسس والمعايير التي تم وضعها من قبل الجهات المعنية لتؤخذ بعين الاعتبار خوفاً من العودة للمربع رقم واحد في مكافحة فايروس كورونا؛ ولذلك يفترض أن لا يدخل أحد الجامعة -رغم قلة الأعداد- إلا والتزم بأن يلبس الكمامة والكفوف والواقيات والتزم أيضاً بالتباعد الاجتماعي والمسافة الآمنة وغيرها من الإجراءات الوقائية التي ستحمي الجميع؛ والعودة للجامعات بالحد الأدنى ستخدم مراكز الحاسوب والتعلّم عن بُعد من حيث إدامة عملها وصيانتها ومتابعتها ومعالجة أي طارئ لذلك؛ وستخدم أيضا إعدادهم للترتيب للامتحانات والتحضير لها من حيث التنسيق مع الكليات وأعضاء هيئة التدريس لجهوزية عالية في هذا الشأن والتعاون مع عمادات القبول والتسجيل لإخراج مسائل الرقمنة للجداول الدراسية والعلامات وغيرها من الأمور التقنية والفنية اللازمة.

والعودة للجامعات بالحد الأدنى هذا يعتبر المقدمة الأولى لعودة الروح والحياة والنبض للجامعات وحرمها؛ ولتزول الغُمّة عن العاملين وأسر الجامعات وليتطلع الطلبة للحرم الجامعي بأمل العودة وليهيئوا أنفسهم وأهليهم لذلك كي تكون عودتهم لعرينهم في مطلع الفصل الصيفي القادم بحول الله تعالى.

مطلوب تهيئة كل عناصر البيئة الجامعية أنفسها من طلبة وأساتذة وعاملين وإدارة جامعية للعودة للجامعات تدريجياً لينفضوا الكسل والخمول بعد الجلسة الطويلة في البيوت كنتيجة للحظر؛ وبذلك يعود العاملون بالجامعات بنفسيات توّاقة للعمل والإنجاز والإنتاج على سبيل المضي قُدماً في برامجهم التطويرية وخطط النهوض والتطلع للأمام.

وأخيراً؛ الفرحة تعم الجسم التعليمي كله من جامعات ومدارس وعناصر بيئتها كافة لعودة الأمل برجوعهم لعرينهم في مؤسساتهم التعليمية؛ والفرحة الأكبر أن الوطن نجح في مكافحة جائحة كورونا مع أن الحذر واجب دوماً والمسافات الآمنة والتباعد الاجتماعي ضرورة قصوى؛ ونتطلّع للحظة التي يعود فيها أبناؤنا وبناتنا طلبة وقناديل وأقمار الجامعات لحرمها لتعجّ بالحياة ونتنفس الصعداء جميعاً فرحاً بالجامعات والوطن .