بهدوء
عمر كلاب
طريف على المستوى السياسي تصريح وزير الزراعة المهندس ابراهيم الشحاحدة عن قدرة الوزارة ومختلف مؤسسات الدولة ، في السيطرة الفورية على اسراب الجراد ووقف تأثيرها بوقت قياسي على المناطق الزراعية , طبعا المقصود في تصريح الوزير السيطرة على الجراد العابر للحدود او الجراد الخارجي , لكن المطلوب شعبيا ووطنيا , تكاتف كل مؤسسات الدولة للسيطرة على الجراد الداخلي الذي أكل الاخضر واليابس في بلدنا دون مكافحة , على الرغم من اعتراف كل المسؤولين بآفة الفساد/ الجراد .
الجراد الداخلي نجح في اضعاف وانهاك مقاومة الدولة على كل المستويات بل ونجح اكثر في تصحير واقعنا على كل المستويات ايضا , فهو لم يكتفِ بأكل محصولنا الزراعي وزيادة رقعة الصحراء في بلادنا , بل استطال نفوذه لأكل الاقتصاد والثروات باطن الارض وسطحها وربما يصل قريبا الى امتصاص الاوكسجين وتعبئته في زجاجات يحصل المواطن عليها برسوم وفوائد وطوابع ورسم اضافي اسوة بكل فواتير الخدمة المقدمة من الدوائر الرسمية .
الجراد الثقافي اكل موروثنا الثقافي وبتنا نرقب بصبر المؤمنين ولادة شاعر او روائي او انتاج عمل درامي يُعيد لنا شيئا من الوجدان , رغم ان لدينا وزارة تُعنى بشؤون الثقافة , وشقيقه الاقتصادي اكل كل مخزوننا في صندوق الاجيال وعوائد الخصخصة ونشرت اسنانه كل ما بقي في جيوبنا من دراهم قليلة بالكاد تكفي لتسديد فواتير الماء والكهرباء , اما الجراد السياسي فحدث بلا حرج , بعد ان استأثر بالمقاعد الوزارية والعينية , وحتى النيابية التي باتت كلفتها تفوق كلفة إنشاء مجمع في ضواحي عمان الراقية .
نثق بقدرتنا على مواجهة الجراد الخارجي ونثق اكثر بتكاتف كل الاجهزة لمنع وصوله والتصدي له بشراسة , ولكننا قلقون من قيمة فاتورة الحرب على الجراد , وكم ستكون كلفتها على جيوبنا , فكل جراد خارجي يأتي سواء على بلادنا او على الاقطار المجاورة , يستفيد جرادنا من الحرب عليه , من جراد داعش الى جراد الخريف العربي , فكل جراد يجردنا ويجرد ما في جيوبنا لصالح الجراد الداخلي الذي لا يشبع ولا يقنع .
القلق المتنامي في عقول الناس مرده الى الثقة بقدرة اجهزتنا الرسمية على التكاتف والتضافر لمواجهة الجراد الخارجي , وتحوّل تلك الاجهزة الى كائنات سرخسية رخوة في مواجهة جراد الداخل , الذي يمتلك مهارة فائضة في قضم ونشر كل موجوداتنا الفردية والوطنية لصالح طبقة الجراد المحلي الآخذة بالنمو والتكرش والازدياد العامودي طبعا وليس الافقي , فعشيرة الجراد الداخلي لا تسمح بالنفاذ الى داخلها الا لمجموعة محدودة من الانسباء والاقرباء والمحاسيب .
لا أدري ان كان متوفر مع سرب الجراد القادم الى بلدنا وسيلة اتصال او هاتف محمول , كي ننصحه بعدم القدوم الى بلدنا , ليس لسوء في مقدرتنا على استقبال الضيوف , فنحن شعب افنى كل موجوداته على الولائم وإكرام الضيف , ولكن لسبب رئيس , أنه لن يجد ما يأكله الا بضع وريقات خُضر نمون على عجل بعد وجبة شتاء , لان جراد الداخل اكل كُل ما هو متوفر في خوابينا , ونهب كل بيادرنا وحقولنا , لذلك نخجل ان يأتي الجراد الضيف ولا يجد ما يليق به من واجب الضيافة .
omarkallab@yahoo.com