على الأردنيين أن يكونوا على إيقاع الدولة.. من هو صاحب الإيقاع؟

نبض البلد -
على الأردنيين أن يكونوا على إيقاع الدولة.. من هو صاحب الإيقاع؟
كتب: يزن عيد الحراحشة.

استهل رئيس مجلس النواب الأردني مازن القاضي فترته الرئاسية لمجلس النواب بتصريح أنقله حرفيا:
"واجب الأردنيين أن ينضبطوا على إيقاع حركة الدولة وأن يكونوا رديفا لها لا عبئا عليها".
هذا التعليق البسيط لفظا يحمل دلالات وإشارات جديرة بالتفكيك، وأبسطها هو البحث في طبيعة العلاقة بين المواطن والدولة.. والدولة بتعريفها المبسط شعب يقطن أرضا تحكمهم عليها سلطة.. ولكن القاضي غالبا كان يشير بتعبيره إلى السلطات العامة واصفا إياها بالدولة حسب المصطلح الشعبي الشائع، ولكي لا أفرط في تعقيد المبسط أشرع بالتساؤل:
إن كان على المواطنين الأردنيين أن يكونوا على إيقاع الدولة، فكيف تضبط الدولة إيقاعها؟
سؤال يفتح الكثير من الأبواب، بالذات إذا ما وجهناه لرئيس مجلس النواب المناط به تمثيل الإرادة الشعبية في الحكم، ويعول عليه في القريب العاجل (حسب مسار التحديث السياسي) أن يشكل حكومات برلمانية، أي أننا وبنص الدستور: "نظام ملكي نيابي وراثي".. فمجلس النواب المعبر عن الإرادة الشعبية عماد أساسي في الحكم بكليته، وما الحكومة -حسب النظرية- إلا انعكاس تنفيذي لرغبات الأمة (الناخبين).
   إن هذا التصريح يعبر بشكل صريح تام عن خلل بنيوي كبير نعيشه، لا بل عن تناقض بين النظرية والتطبيق محليا، فالمفروض على السلطات السياسية ضبط تصرفاتها على إيقاع المصالح الوطنية العليا التي تخدم المجتمع، لا أن يقوم المجتمع بمسايرة السلطات حسب ما تقتضيه رؤاها والتي يبدو أنها على انفكاك عنهم، وهذا الشرخ واضح بتعبير رئيس مجلس النواب.
النصيحة الأولى للسلطات هي الانسجام مع الإرادة العامة، وإن لم يكن هذا الانسجام مباشرا مع الرغبات الشعبية، فليكن مع المصلحة العامة، ودور مجلس النواب الآن هو مراقبة الأداء الحكومي والبحث في أسباب تضخم الدين العام، أو فتح الأرشيف والتساؤل عن سبب اقتصار مناقشته 5% من مجموع أسئلة أعضائه الموجهة للحكومة في الدورة الماضية، مع أن كل سؤال منها كان مرشحا ليتطور إلى استجواب ثم تصويت على سحب الثقة من وزير مثلا،
هذه نصائح أولية في قائمة طويلة من الأدوار المأمولة من مجلس النواب صاحب المساحة الكبيرة للتشريع والمراقبة ومحاسبة المقصرين.
   إذا قام مجلس النواب بأدواره فسنكون بألف خير، وسنستغني عندها عن طلب أي تناغم، فالمجلس -دستوريا- هو ضابط الإيقاع وسيد المشهد، ولكن يعني.. ربما.. نأمل أن نحقق هذا قريبا.