الأردن والاتحاد الأوروبي: شراكة تعكس رؤية التحديث وتمكين الشباب

نبض البلد -
فيصل عربيات



يُمثل الأردن، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، نموذجًا مميزًا في المنطقة بفضل استقراره السياسي ورؤيته الواضحة نحو التحديث الاقتصادي والسياسي. وفي عالم متغير تتشابك فيه التحديات والفرص، أصبح التعاون الدولي شريانًا أساسيًا لدعم مسيرة التنمية. ومن هنا، برزت الشراكة الأردنية – الأوروبية كركيزة استراتيجية، لا تقوم فقط على المصالح المشتركة، بل تتجاوز ذلك إلى بناء جسور من الحوار، وتمكين الأجيال الشابة، وتعزيز دور الأردن كمحور توازن وانفتاح في المنطقة.

وفي إطار رؤية التحديث الاقتصادي والسياسي لجلالة الملك، يبرز الدور المتنامي للاتحاد الأوروبي كشريك استراتيجي للأردن، حيث يسعى بجدية لترجمة هذه الرؤية إلى خطوات ملموسة على أرض الواقع.

ولعلّ أبرز تجليات هذه الشراكة جاءت عبر توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الخارجية الأردنية والاتحاد الأوروبي، لتأسيس برنامج جديد في الدراسات الأوروبية يستهدف الموظفين الحكوميين الشباب، فاتحًا أمامهم آفاقًا معرفية جديدة تتيح لهم فهماً أعمق للتجارب الأوروبية، وتسهم في بناء قدراتهم لخدمة مسيرة التحديث في وطنهم.

على الصعيد الثقافي، افتتح الاتحاد الأوروبي فعاليات مهرجان الأفلام الأوروبية في دورته السابعة والثلاثين، والذي أقيم بالشراكة مع الهيئة الملكية الأردنية للأفلام وEUNIC. وعلى مدى خمسة عشر يومًا، شكّل المهرجان مساحة للتنوع الثقافي، حيث استعرض قصصًا ملهمة من مختلف أنحاء العالم، مؤكدًا أن الفن هو جسر من جسور الحوار والتقارب بين الشعوب.

أما في الجانب السياسي، فقد نظّم المعهد الهولندي للديمقراطية ورشة عمل بدعم من الاتحاد الأوروبي، استهدفت مجموعة من الشباب الأردني. وقد أضاءت هذه الورشة على أهمية التفاعل مع المجتمعات المحلية، وبناء شبكات جديدة، وإطلاق حوار مفتوح مع صانعي القرار. وخلال الجلسات، سلّط سفير الاتحاد الأوروبي، بيير-كريستوف تشاتزيسافاس، الضوء على الطاقة الإيجابية والمعرفة والمهارات التي يتمتع بها الشباب الأردني، والتي تجعلهم شركاء حقيقيين في رسم المستقبل.

وفي القطاع التعليمي، وهو ركيزة أساسية للتنمية، استضافت بعثة الاتحاد الأوروبي فعالية "إيراسموس+ نلتقي ونتواصل”، التي جمعت خريجي البرنامج مع الطلبة المحتملين ومؤسسات شبابية. هذه الفعالية كانت فرصة للاحتفاء بالإنجازات، واستعراض قصص ملهمة لطلبة شاركوا في البرنامج، إلى جانب تعزيز فرص التشبيك بين الشباب والمؤسسات. وقد حضر الحدث معالي الدكتور عزمي محافظة، وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي، إلى جانب سعادة السفير تشاتزيسافاس وفيديريكا موغيريني، رئيسة كلية أوروبا، التي عبّرت بكلماتها الملهمة:  

‏In a global world,  no country can stand alone
في عالمٍ معولم، لا يمكن لأي دولة أن تقف بمفردها.

وفي السياق ذاته، أولى الاتحاد الأوروبي أهمية خاصة لتمكين الصحافة الشبابية، حيث التقى مجموعة من طلبة الإعلام والصحفيين الشباب بسعادة السفير تشاتزيسافاس تحت شعار "نرسم معًا مستقبل الصحافة البنّاءة”. اللقاء شكّل منصة للنقاش حول حرية التعبير كركيزة أساسية للعمل الإعلامي المسؤول، بما يفتح المجال أمام جيل جديد من الصحفيين المبدعين القادرين على الإسهام في بناء خطاب إعلامي متوازن ومؤثر.

أما اقتصاديًا، فقد شهدت العلاقات الأردنية الأوروبية نقلة نوعية بإطلاق غرفة التجارة الأوروبية – "يوروتشام” في عمّان، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي، وتوسيع مجالات التجارة، وفتح الأسواق الأوروبية أمام المنتجات الأردنية. وإلى جانب ذلك، فإن هذه المبادرة تمثّل خطوة رائدة في دعم المرأة الأردنية وتمكينها من دخول الأسواق الأوروبية بشكل أوسع وأكثر استدامة.

الأردن… جسر بين الشرق والغرب.      

إن ما نشهده اليوم من تعاون أردني – أوروبي ليس مجرد برامج أو اتفاقيات، بل هو استثمار في الإنسان الأردني، وخاصة في طاقات الشباب الذين يشكلون عماد المستقبل. فكل مبادرة تعليمية، وكل ورشة سياسية، وكل مساحة ثقافية أو اقتصادية، إنما تؤكد أن الأردن يسير بخطى واثقة نحو غدٍ أفضل، مستندًا إلى رؤية ملكية واضحة وشراكات دولية فاعلة.

إن كلمات فيديريكا موغيريني:

"في عالمٍ معولم، لا يمكن لأي دولة أن تقف بمفردها”
تجد صداها اليوم في التجربة الأردنية التي أثبتت أن الشراكة والتكامل هي الطريق إلى النجاح.

ومن هنا، فإن تمكين الشباب الأردني، ودعم المرأة، وتعزيز التعليم، والانفتاح الاقتصادي والثقافي، ليست مجرد عناوين، بل هي قصص نجاح تُكتب على أرض الواقع. ومع هذا الزخم، يبقى الأردن جسرًا للحوار والسلام والتنمية، يقود الأمل نحو مستقبل يليق بشبابه وأجياله القادمة.