زريقات: اختيار القيادات يجب أن يبنى على الكفاءة والمهارات القيادية
درويش: غياب الصلاحيات والخبرة يضعف دور مديري المدارس ويؤجج الأزمات
الأنباط – شذى حتاملة
في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه المؤسسات التعليمية، يبرز سلوك متكرر لدى المواطنين يتمثل في التوجه مباشرة إلى وزير التربية أو الأمين العام، متجاوزين مديري المدارس أو مديريات التربية والتعليم.
هذا السلوك يثير تساؤلات حول فاعلية الهيكل الإداري، ومدى قدرته على الاستجابة لشكاوى المواطنين ومشكلاتهم، كما يفتح باب النقاش حول مستوى الثقة بين المواطن والمسؤولين في المستويات الإدارية المتوسطة.
مديرة إدارة التعليم الخاص سابقًا الدكتورة ريما زريقات، أكدت أن اختيار القيادات الإدارية – سواء في المواقع العليا أو الدنيا – ينبغي أن يستند إلى معايير الكفاءة، والفاعلية، والمؤهلات العلمية، إضافة إلى المهارات الشخصية والقيادية. وأوضحت أن إغفال هذه الأسس عند التعيين يؤدي إلى ضعف الأداء وصعوبة اتخاذ القرار وحل المشكلات، لا سيما تلك ذات الطبيعة الميدانية.
وأضافت زريقات أن هذا الخلل ينعكس مباشرة على ثقة المواطنين، ويدفعهم للتوجه إلى المسؤولين الكبار كالأمين العام أو الوزير. واعتبرت أن التقصير في متابعة وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية يزيد من فجوة التواصل مع الجمهور. وانتقدت النظرة السائدة لدى بعض القياديين الذين يرون أن أوقات ما بعد الدوام الرسمي تخصهم وحدهم، في حين أن الموقع القيادي يتطلب تفرغًا دائمًا واستعدادًا مستمرًا لخدمة المواطن.
ولفتت إلى أن تضارب المصالح يمثل جانبًا آخر من المشكلة؛ ففي بعض الحالات يخشى مدير التربية أو مدير الإدارة اتخاذ القرار إذا كان من شأنه أن يضر طرفًا ذا نفوذ، ما يدفع المشتكي – وغالبًا ما يكون الحلقة الأضعف – إلى اللجوء إلى المستويات القيادية الأعلى.
وأشارت إلى أن بعض شاغلي المواقع القيادية يفتقرون إلى الخبرة والمعرفة الكافية لاتخاذ قرارات صائبة تحفظ حقوق الجميع، خصوصًا مصلحة الطالب، مؤكدة أن المنصب القيادي في القطاع التربوي يجب أن يبنى على الانتماء الوظيفي، والحرص على المصلحة العامة، والالتزام بالعدالة والشفافية وصون الحقوق، إضافة إلى التدرج الوظيفي والاعتماد على البيانات الدقيقة.
وبينت زريقات أن غياب هذه المعايير يؤدي إلى قصور واضح في التعامل مع الشكاوى وحل المشكلات بمهنية تراعي التشريعات التربوية وتحافظ على هيبة المؤسسة التعليمية، مشددة على ضرورة اختيار الأشخاص للمواقع القيادية بعناية، بحيث تتوفر فيهم المؤهلات والخبرة والسمات الشخصية التي تضمن إدارة رشيدة وفاعلة للمؤسسات التعليمية.
من جانبه، قال الخبير التربوي محمود درويش إن انعدام الثقة بين المواطنين والمسؤولين التربويين في المستويات الإدارية الدنيا يدفع كثيرين إلى التوجه مباشرة إلى الوزير أو الأمين العام. وأوضح أن بعض المناطق، خصوصًا ذات الطبيعة العشائرية، تشهد خلافات بين المواطنين ومديري التربية، ما يعزز الميل للجوء إلى المستويات الأعلى.
وأضاف أن بعض المواطنين يحاولون بداية حل مشكلاتهم عبر مديري المدارس، إلا أنهم يصطدمون بضعف الصلاحيات الممنوحة لهؤلاء، وهو أمر يرتبط بالأنظمة والقوانين التي تحد من قدرتهم على اتخاذ قرارات فاعلة. وأشار إلى أن ذلك يعكس ضعف الثقة بين المواطن والمسؤول المباشر، ويؤثر سلبًا على هيبة مدير المدرسة ودوره الإداري.
ولفت درويش إلى أن ضعف الأداء لدى بعض المدراء يعود إلى قلة الخبرة بالقوانين والأنظمة، إضافة إلى غياب الثقة بالنفس وافتقار السمات القيادية، ما يؤدي إلى تعقيد المشكلات بدلاً من حلها. وحذر من أن تصاعد الأزمات قد يدفع المواطنين إلى اللجوء للإعلام المرئي أو المسموع أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي لإيصال أصواتهم بسرعة أكبر، الأمر الذي قد يفتح المجال لتهويل بعض القضايا.
وختم بالإشارة إلى أن معظم الوزارات وفرت صناديق شكاوى وأرقام تواصل مباشرة مع الوزير أو الأمين العام، إلا أن بعض هذه الشكاوى قد لا تستند إلى وقائع دقيقة، وهو ما يستدعي التعامل معها بحذر ومهنية عالية.