ماذا لو...؟

نبض البلد -
ماذا لو...؟

ماذا لو توقفنا لوهلة عن الجري خلف ضجيج الحياة لنسمع أنين الأرض من تحت أقدامنا؟
ماذا لو نظرنا إلى وجوه اللاجئين لا كأرقامٍ في نشرات الأخبار، بل كحكايات تروى، وأحلام كسرتها الحروب ونفاها الجوع؟
ماذا لو تذكرنا أن العدالة ليست رفاهية، وأن العالم لم يخلق ليكون ساحة يقتات فيها القوي على ضعف الآخرين؟

في هذه الأيام، يشتعل الرأي العام على جبهاتٍ متفرقة؛ الحروب تشتد، وملامح الفقر تتسلل حتى إلى أكثر المدن ثراء، والأرض أمنا الكبرى  تصرخ من حرارة المناخ والتلوث. لكننا، وسط كل هذا، نمارس حياة شبه طبيعية، نحتسي قهوتنا ونمر سريعا على الأخبار وكأن الأمر لا يعنينا.

ماذا لو كان ذلك الطفل في غزة هو ابنك؟
هل كنت ستكتفي بكتابة منشور على وسائل التواصل الاجتماعي؟ أم كنت ستفعل المستحيل لينجو من جحيم القصف والحصار؟
وماذا لو كان منزلك أنت هو ذاك الذي ينهار تحت أنقاض الحرب؟ هل كنت ستظل تؤمن أن العالم "بخير”؟

ماذا لو أنقذنا الأرض قبل أن تنقلب علينا؟
ماذا لو كانت قراراتنا أكثر رحمة بكوكبنا، فزرعنا بدل أن نقتلع، وحافظنا بدل أن نهمل، وقلنا لا لهذا الجشع الذي يلتهم الغابات والأنهار والهواء النقي؟
ألسنا جميعا مدينين للأرض، تلك التي تحتضننا جميعاً دون مقابل؟

ماذا لو اتفقنا على أن إنسانيتنا أقوى من كل ما يفرقنا؟
لو أن العالم توقف عن تصدير الكراهية والاستقطاب، وقرر أن يمنح السلام فرصة حقيقية؟
ألن يكون كل هذا الصخب بلا معنى إذا ما جلسنا جميعا تحت شمس واحدة، نتشارك كسرة خبز، ونحلم جميعا بمستقبل واحد؟

ربما "ماذا لو” ليست مجرد سؤال، بل هي مرآة تعكس ما يمكن أن يكون، لو امتلكنا شجاعة التغيير.
ربما علينا أن نكف عن الاكتفاء بالمشاهدة، وأن نبدأ نحن في كتابة سيناريو مختلف لحياتنا التي نعيشها.
هيفاء غيث