الجار الذي لا يَخذُل: الأردن وقت الأزمات

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

 

 

الجهود الأردنية المتواصلة لإطفاء الحرائق المشتعلة في سوريا فرضتها قيم الأخوة العربية وعلاقات الجوار التاريخية التي تربط البلدين وهي امتداد لنهج ثابت في دعم الأشقاء وقت الأزمات، وتُعد تطبيقًا عمليًا لمفهوم "القوة الناعمة" التي تمرر عبرها رسائل أخلاقية تخدم سمعة البلاد في المجتمع الدولي، وتعزز دورها الإقليمي في مواجهة الكوارث الطبيعية.

 

لا تخرج هذه الجهود عن إطار "دبلوماسية الكوارث" التي يتبناها الأردن كنهج ثابت في سياسته الخارجية، وقد سبق له أن مد جسور العون الإغاثي والمساعدات للعديد من شعوب المنطقة، بما فيها إيران وتركيا والعراق ولبنان وفلسطين في أوقات الحروب والكوارث الطبيعية، وهو ما يعكس التزامه بالاستجابة الأخلاقية والإنسانية العابرة للسياسة وتُكرّس دوره كدولة محورية في تعزيز التضامن الإقليمي.

 

مع تعدد الأزمات والكوارث في المنطقة تأتي استجابة الأردن لكل منها انتصارًا لقيم العدالة والإنسانية، فهو حريص على أن تكون استجابته لكل أزمة نابعة من منظومة قيمية ترفع قيمة التضامن وترسخ مكانته كدولة تدرك مسؤولياتها وواجباتها في محيطها الإقليمي.

 

يعيد الأردن تعريف العلاقات بين الدول لتكون على أساس القيم المشتركة ثم المصالح المتبادلة، وهذا نضج سياسي وأخلاقي في فهم طبيعة العلاقات الدولية يفضي لتقديم نموذج عقلاني ومسؤول في إدارة السلطة، يوازن بين المبادئ والمصالح، ويعلي شأن الحوار والتعاون.

 

لم يخذل الأردن جيرانه في كل أزمة تعرض لها أحد منهم، وهذا البلد الصغير أصبح وطنًا عربيًا كبيرًا يحتضن كل من يلجأ إليه، ويسند من يتعثر ويداوي جراح من أنهكته الأزمات. ورغم محدودية موارده، أثبت الأردن أنه غني بقيمه ومواقفه وأن حجمه الجغرافي لا يحد من تأثيره الإنساني أو السياسي.