نبض البلد -
الصالحي: زيادة الإقبال على العيادات النفسية منذ بدء العدوان الصهيوني
خزاعي: المسنّون وذوو الإعاقة والأيتام والمرضى أكثر الفئات تأثرًا
شقير: وسائل الإعلام تتعامل مع مآسي الحروب كأرقام جامدة
الأنباط – كارمن أيمن
في عالمٍ تتسارع فيه وتيرة الصراعات والنزاعات المسلحة، تتزايد يومًا بعد يوم الآثار النفسية المترتبة على الحروب، والتي لا تقتصر فقط على من يعيشون في مناطق النزاع، بل تمتد لتشمل شرائح واسعة من المتابعين حول العالم، خاصة في ظل التغطية المكثفة لمشاهد المعاناة والدمار.
ومنذ بدء العدوان الصهيوني على غزة في السابع من أكتوبر 2023، شهدت العيادات النفسية في العديد من المناطق ارتفاعًا لافتًا في أعداد المراجعين، الذين تنوّعت حالاتهم بين القلق والاكتئاب واضطرابات النوم، فضلًا عن تفاقم أمراض نفسية لم تكن شائعة من قبل.
المحتوى الإعلامي والرقمي يؤجج القلق
الطبيب النفسي د. أشرف الصالحي أكد أن المراكز النفسية شهدت زيادة ملحوظة في أعداد المراجعين منذ اندلاع العدوان، لافتًا إلى أن هذه الزيادة تشمل مختلف الفئات العمرية والاجتماعية، ما يعكس اتساع نطاق التأثر النفسي وازدياد الوعي بأهمية الرعاية النفسية.
وأشار إلى أن التعرض المستمر للمحتوى الإعلامي والرقمي العنيف، سواء عبر وسائل الإعلام التقليدية أو منصات التواصل الاجتماعي، أثّر بشكل مباشر على الحالة النفسية للناس، مؤديًا إلى مشاعر القلق المزمن، والحزن، والغضب، وحتى الإحساس بالذنب.
وأوضح الصالحي أن الإحساس بالعجز تجاه ما يحدث يولّد مشاعر إحباط عميقة، وأن البعض قد يمرّ بما يُعرف بـ”اضطراب الكرب ما بعد الصدمة المعقّد”، حتى دون التعرض المباشر للصدمة، نتيجة المشاهدة المتكررة لمشاهد العنف.
كما لفت إلى أن التفكير المفرط والقلق الدائم قد يؤثران سلبًا على نمط النوم، مسببين الأرق والكوابيس، فضلًا عن التأثير على الشهية، سواء بفقدانها أو زيادتها، مشددًا على أهمية تقنين متابعة الأخبار، والاعتماد على مصادر موثوقة ومحايدة.
الفئات الأكثر تضررًا نفسيًا
من جانبه، قال أستاذ علم الاجتماع د. حسين خزاعي إن للحروب آثارًا نفسية كبيرة تطال جميع فئات المجتمع، لكن الفئات الأكثر هشاشة كالمسنين، وذوي الاحتياجات الخاصة، والأطفال الأيتام، والمرضى المزمنين، هم الأكثر تضررًا، خاصة عند تعرضهم المباشر لأصوات الانفجارات والطائرات والجرافات.
وأشار إلى أن الخوف المستمر، والقلق من فقدان الأحبة أو تشريد العائلات، يضع الأفراد في حالة من الترقب والتوتر المستمر، مما ينعكس سلبًا على صحتهم النفسية والسلوكية والاجتماعية.
الإعلام يغيب عنه البعد الإنساني
أما الخبير في التشريعات الإعلامية يحيى شقير، فقد انتقد طريقة تعاطي بعض وسائل الإعلام مع تغطية الحروب، مؤكدًا أنها تحوّل المآسي الإنسانية إلى "أرقام”، دون مراعاة البعد الإنساني.
وقال شقير إن العدوان الإسرائيلي على غزة يشكّل خرقًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان، لافتًا إلى أن نشر صور الشهداء والمصابين بشكل عشوائي من قِبل أفراد غير مدرَّبين، قد يسبب أذى نفسيًا لأهالي الضحايا، ويقع في مخالفات أخلاقية وقانونية.
وأضاف أن غياب الصحفيين المتخصصين في تغطية النزاعات، وغياب التدريب على معايير الأمن والسلامة، فضلًا عن القيود التي يفرضها الاحتلال على العمل الإعلامي، كلها عوامل تُسهم في تشويه الصورة الحقيقية لما يجري.