سيناريو حرب إيران ومآلاتها

نبض البلد -

النقطة الأبرز في هذا السيناريو هي أن إسرائيل على استعداد لتقبّل هامش واسع من الخسائر مقابل تحقيق أهداف استراتيجية بالغة الأهمية، وما تقدمه إسرائيل من كلف متنوعة في حرب غزة يؤكد هذا التطوّر في استراتيجية الحرب؛ حيث الاستعداد لحرب طويلة المدة مع خسائر كبيرة حتى!

تعتقد إسرائيل أنه -خلال شهر أو ثلاثة- في المرحلة الأولى من هذه الحرب سيتم تدمير كامل قدرات إيران الصاروخية والمواقع النووية، وسيتم تحييد الدفاعات الجوية، وتدمير المطارات وسلاح الجو الإيراني، وسيتم اغتيال معظم العلماء النوويين، وأنه سيتم اغتيال قادة النظام العسكريين والمدنيين، وربما الخامنئي نفسه سيكون من ضمنهم.

في المرحلة الثانية من الحرب، بالتزامن مع التدخل المباشر للولايات المتحدة، سيتم استكمال باقي المهمة وذلك بإثارة قلاقل واحتجاجات وفوضى واسعة النطاق ستؤدي -خلال عام- لإسقاط النظام الإيراني، مدعومًا ذلك بأزمة اقتصادية ومالية وأمنية ملموسة شعبيًا.

ما يدعم واقعية هذا السيناريو هو القوة النارية الهائلة لسلاح الجو الإسرائيلي، والجهد الاستخباري الكثيف الذي جمع أهم البيانات الحساسة، والاختراق الأمني الواسع للبلاد، بعد عملية جلب الأرشيف النووي، ومنذ اغتيال (اسماعيل هنية) و (قاسم سليماني) مما يؤشر على ضعف بنيوي في قدرات إيران وحلفائها أمنيًا واستخباراتيًا، ولا ننس النجاح الهائل في إسقاط نظام (بشار الأسد) وتدمير قدرات سوريا العسكرية الاستراتيجية بغضون أيام، وقبل ذلك النجاح المبهر في عملية تفجيرات (البيجرات) في طواقم حزب الله واغتيال (حسن نصر الله) في بيروت، كل ذلك التصوّر يدعمه التفوق الجوي الإسرائيلي وقدرته على ضرب الأهداف المحددة بدقة وسهولة.

يظهر اليوم كلًا من (ناتانياهو) و (ترمب) على شكل أيقونة النجاح الصهيوني؛ فلقد تمكنا في عام واحد من سحق النظام السوري وتدمير قدراته، وسحق حزب الله وتصفية قادته، وسحق القدرات الإيرانية وتصفية برنامجه النووي، وتدمير حماس وغزة بشكل مخيف، كل ذلك يؤكد بأن (الزمن الإسرائيلي) على وشك البزوغ ليعيد تشكيل الشرق الأوسط بما يخدم مصالحه المطلقة، وبدعم غربي كامل، قبل تمدد الصين ومزاحمتها الغرب في المنطقة.


د. حسين البناء
أكاديمي وكاتب