هل يفضي الاتفاق الحوثي الأمريكي إلى استقرار الملاحة في البحر الأحمر؟

نبض البلد -

وقف الحرب على غزة مفتاح استقرار الملاحة

أبو ديه: شركات الشحن العالمية تتجنب المرور عبر البحر الأحمر

عايش: انتظام الملاحة في البحر الأحمر سيدعم نمو التجارة الأردنية مع العالم

الأنباط – مي الكردي

استطاعت الضربات الحوثية على المنشآت العسكرية والسُفن التجارية الأمريكية في البحر الأحمر تكبيد الولايات المتحدة الأمريكية خسائر بأكثر من مليار دولار خلال عملياتها ضد جماعة الحوثي منذ آذار الماضي، الأمر الذي أفضى إلى التوصل إلى اتفاق حوثي أمريكي يقتضي بوقف استهداف السفن والضربات، في انقسام للمصالح السياسية بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني على الأضرار الاقتصادية من خلال استثناء السفن الإسرائيلية والمتجهة لها من الاتفاق.
تداعيات كبيرة نتيجة توقف شركات الملاحة العالمية، عن عبور البحر الأحمر، الذي تمر من خلاله 12% من التجارة العالمية، واللجوء إلى طريق رأس الرجاء الصالح ما أدى إلى ارتفاع كُلف الشحن والتأمين وزيادة الأسعار، لتؤكد أوساط اقتصادية أن البحر الأحمر مرهون بتوقف الحرب الصهيونية على قطاع غزة ودون ذلك سيبقى البحر الأحمر منطقة خطرة.
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن شركات شحن قولها إنها تقيم الاتفاق الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الحوثيين، لكنها لا تخطط حاليًا للعودة إلى المنطقة.
وتلقي التوترات في البحر الأحمر بظلالها على الاقتصاد الأردني الذي يمتلك المنفذ البحري الوحيد "ميناء العقبة" والمُطل على البحر الأحمر، وقد أثرت هذه التوترات على التبادل التجاري الأردني مع دول آسيوية، ما أدى إلى ارتفاع الكلف، لتمهد التهدئة المقرة أخيرًا بين الحوثيين والأمريكيين لعودة نمو التجارة الأردنية وزيادة السفن القادمة إلى ميناء العقبة.
وبين الخبير الاقتصادي منير أبو ديه أن وصول الولايات المتحدة الأمريكية إلى اتفاق ضمني بوساطة عُمانية مع جماعة الحوثيين وتعهدهم بعدم استهداف السفن التجارية غير التابعة للكيان الصهيوني لايزال يحمل تحديات قائمة في البحر الأحمر، حيثُ يعد منطقة خطرة تتجنبه معظم شركات الملاحة العالمية، وذلك في ظل التهديدات المستمرة من جماعة الحوثي للسفن الذاهبة للكيان.
وبين أن الاتفاق بين الولايات المتحدة والحوثيين لن يزيل كافة التحديات والمخاطر الراهنة في البحر الأحمر، مؤكدًا أن شركات الشحن العالمية تتجنب البحر الأحمر وتسلك طريق رأس الرجاء الصالح والخليج العربي بعيدًا عن البحر الأحمر.

ولفت إلى أن التحديات في البحر الأحمر لاتزال قائمة خاصة على موانئ العقبة وموانئ البحر الأحمر، موضحًا أن الرسوم وأجور الشحن والتأمين ما زالت مرتفعة، مُشيرًا إلى أنه في حال لم تصل المنطقة إلى وقف اطلاق نار نهائي على قطاع غزة واتفاق كامل سيبقى البحر الأحمر في خطر وتحت التهديد.
وبين أبو ديه أن تحديات البحر الأحمر تنعكس على العقبة وموانئها بالنظر إلى عدد الحاويات الصادرة والواردة ورسوم الشحن والتأمين البحري، منوهًا إلى أنه وبالرغم من انخفاض الأسعار من بداية الأزمة لاتزال تعتبر مرتفعة عما كانت عليه بالسابق، مؤكدًا عدم وجود مواعيد منتظمة لغاية اللحظة كما كانت قبل الأزمة.
من جهة أخرى، أوضح الخبير الاقتصادي حُسام عايش أن هجمات الحوثي لم تكن تستهدف السفن المتجهة للأردن ولا الدول المتشاطئة مع البحر الأحمر والمارة بباب المندب وقناة السويس، حيثُ كان المستهدف بها هي السفن الذاهبة لإسرائيل، مُبينًا أنه وبالرغم من ذلك أثارت تداعياتها موجة من ردود الفعل في حركة الشحن ما أثر على التبادل التجاري الأردني مع دول آسيوية رئيسية (الصين، إندونيسيا، الهند، ماليزيا).
وتابع أن ذلك أثر على وتيرة انتظام سلاسل الإمداد، التصدير، والاستيراد من هذه الدول سواء على صعيد تصدير سلع استراتيجية للأردن من البوتاس، الفوسفات، والأسمدة، أو المستوردات الكبيرة من الصين والهند، مؤكدًا أن استهداف السفن المتجهة للكيان أثر على انتظام حركة المرور في قناة السويس، حيثُ خسرت مصر 70% من إيرادات هذه القناة في السنة الأخيرة.
وبين عايش أن وقف هجمات الحوثيين سيساهم في تعزيز الاقتصاد الأردني من خلال زيادة الإيرادات من رسوم الموانئ وارتفاع التبادل التجاري سواء من السلع المصدرة أو المستوردة عبر ميناء العقبة، لافتًا إلى تعزيز دور الميناء كبديل استراتيجي لبعض الدول مثل العراق في حال تحسنت الأوضاع الأمنية بشكل مستدام.
ووجه إلى أن ميناء العقبة سيلعب محور استراتيجي تجاري خاصة مع هجمات محتملة بين إيران وإسرائيل وهو ما سيؤثر على مضيق قرمز، وافتعال حرب هندية باكستانية والذي سيؤثر أيضًا على انتظام الحركة في منطقة المحيط الهندي ومنطقة المحيط الهادئ.
وأشار عايش إلى أن انخفاض المخاطر وتراجعها وتوقفها، سيمكن شركات الشحن من تنظيم جداولها، الأمر الذي يعزز كفاءة عمليات النقل البحري ويخفض التكاليف المترتبة على التأخير والتعطيل مثل تكاليف الشحن والتأمين بالإضافة إلى تكاليف انتقال الحركة من العبور عبر باب المندب إلى رأس الرجاء الصالح.
ولفت إلى أن ذلك سيرفع من حركة الشحن بين موانئ المنطقة ويزيد من حجم السفن القادمة إلى ميناء العقبة، حيثُ ستشهد التجارة بين دول الخليج ودول البحر الأحمر تحسُنًا، مُبينًا أنه أمر في غاية الأهمية للأردن من خلال تحسن الأمان الملاحي في منطقة باب المندب وزيادة الثقة لدى شركات الشحن وإعادة استخدام الطريق بشكل منتظم عبر طريق باب المندب، البحر الأحمر، وقناة السويس، مؤكدًا أنها انعكاسات إيجابية على الاقتصاد الأردني وميناء العقبة.
وأكد عايش أن عودة انتظام الملاحة في البحر الأحمر ستقلل من التكاليف وستدعم نمو التجارة الأردنية مع العالم الخارجي، داعيًا سُلطة منطقة العقبة الاقتصادية إلى استغلال هذه العودة، حيثُ من المفترض أن تمتلك خطط واستراتيجيات للتعامل مع العودة بصورة نشطة لعملية تجارية بحرية واسعة.