خيارات صعبة في مشهد سياسي استثنائي

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

امتصت الدولة الأردنية طوال الحرب على قطاع غزة الكثير من محاولات استفزازها التي قامت بها تيارات سياسية معروفة، لم تدخر جهدًا في إثبات أولوية ارتباطها التنظيمي على ولائها الوطني، وظنت أن سياسة الأمن الناعم التي اعتُمدت فيما يسمى "الربيع" ستظل مُتبعة في أي مناخ سياسي مماثل، ولكن عندما يطفح مكيال الصبر، فإن على الجميع أن يترقب المرحلة الانتقالية التي سيتم عبورها اضطراريًا، والتي قد تشهد رياحًا تقتلع جذورًا سياسية تُروى بأيادٍ أجنبية.

يؤكد ذلك رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان الذي قال: "إن الأردن دولة لا يُختبر صبرها"، حيث تترقب الأوساط السياسية والإعلامية حزمة من القرارات التي قد يُعلن عنها في الأيام القادمة، بعد الكشف عن المؤامرة واعتقال عناصرها الذين ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين.

كانت الجلسة النيابية التي نوقشت خلالها قضية المؤامرة بحدة غير مسبوقة، مقياس لحجم الورطة التي وقع الإسلاميون فيها وحاولوا الخروج منها بحلول تقليدية، وهو ما أخفقوا فيه حتى الآن، ولذا عليهم أن يدركوا، أنه يتعين عليهم الاختيار بين استئناف مسارهم السياسي وفقًا للخارطة الوطنية، أو التمسك بالالتزامات التنظيمية الدولية والتي لطالما أقحمتهم في أزمات سياسية محلية، ليفقدوا بذلك رخصة العمل السياسي في الساحة الأردنية، وهما خياران صعبان، فقبول أحدهما يعني حتمية التضحية في بعض الأدوار والارتباطات ومصادر القوة.

بوسع جبهة العمل الإسلامي أن تقطع الطريق على من يرى أنها ليست معفاة من المسؤولية عن المؤامرة التي أحبطتها دائرة المخابرات العامة والتي ينتسب عناصرها لجماعة الإخوان المسلمين، لو أنها تُدين بشكل واضح وصريح ومبكر، أي محاولة من شأنها تقويض الاستقرار الوطني، ولكنها على ما يبدو قررت أن تختبر تهدئة الغضب الرسمي والشعبي دون أن تضطر لإدانة المؤامرة، ولذلك، فإنها تُضاعف كلفة موقفها في ظل الدعوات البرلمانية الجادة لحلّها.

على أي حال، ما تزال هناك فرصة أخيرة أمام جبهة العمل الإسلامي للخروج من المأزق الوجودي الذي وقعت فيه، عليها استغلالها قبل أن تتراكم فاتورة موقفها الضبابي غير المنسجم مع الحالة الوطنية تجاه قضية المؤامرة حتى اللحظة.