نبض البلد - خلدون خالد الشقران
وسط تصاعد التوترات الإقليمية وتفاقم تداعيات الأزمة السورية، برزت عمّان كمحور دبلوماسي مهم في مساعي تحقيق الاستقرار الإقليمي. فقد استضافت العاصمة الأردنية لقاءً دبلوماسيًا استثنائيًا جمع مسؤولين بارزين من دول الجوار السوري، في خطوة تعكس محاولات جدية لإعادة رسم خارطة التحالفات الإقليمية ووضع حدٍ لحالة الفوضى الأمنية والسياسية التي تعيشها سوريا منذ سنوات.
اللقاء الذي جاء في إطار ما يُعرف بـ”خماسية عمان”، يهدف إلى بناء آلية تنسيقية بين الدول المجاورة لسوريا، بما يسهم في مواجهة التحديات المشتركة. وتصدرت ملفات مكافحة التنظيمات المتطرفة، ووقف تدفق اللاجئين، والحد من التهريب والتجارة غير المشروعة، أبرز النقاط التي طُرحت على طاولة النقاش. هذه الخطوة تُعد جزءاً من استراتيجية الأردن لتولي دور الوسيط الإقليمي، في محاولة لاحتواء تداعيات الأزمة السورية التي باتت تلقي بظلالها على دول المنطقة.
ويحمل هذا اللقاء في طياته تحولاً ملحوظاً في المشهد السياسي الإقليمي، إذ تسعى الدول المجاورة لإيجاد صيغة توافقية تُعيد لها دورها الفاعل في تأمين الحدود السورية وضمان استقرار المنطقة. ويبدو أن هذه الخطوة تأتي في ظل قناعة إقليمية متزايدة بأن استمرار الخلافات السياسية لن يؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى.
ورغم التفاؤل الظاهر في نتائج اللقاء، فإن ترجمة هذه التفاهمات إلى واقع عملي يواجه عقبات معقدة. فالتوترات السياسية بين بعض الدول لا تزال قائمة، إلى جانب استمرار العقوبات الغربية التي تعيق أي جهود لإعادة إعمار سوريا وتحسين أوضاعها الإنسانية. كما أن استمرار نشاط الجماعات المتطرفة يجعل من تأمين الحدود والتصدي لظاهرة التهريب تحديًا ملحًا يتطلب تنسيقاً عسكريًا وأمنيًا مكثفًا.
وبينما يُنظر إلى لقاء عمان كخطوة استراتيجية نحو تعزيز الاستقرار، فإن نجاح هذه المبادرة سيعتمد بشكل أساسي على مدى التزام الأطراف المعنية بتحويل التفاهمات إلى خطوات عملية ملموسة. إذ تبقى الإرادة السياسية والقدرة على تجاوز الانقسامات الإقليمية حجر الأساس لتحقيق تقدم حقيقي في الملف السوري.
اللقاء الذي شهدته عمان ليس مجرد اجتماع دبلوماسي عابر، بل خطوة تعكس رغبة إقليمية متزايدة في تجاوز الجمود السياسي والبحث عن حلول تُعيد لسوريا استقرارها، وتحمي في الوقت ذاته مصالح دول الجوار التي عانت طويلاً من تبعات الصراع