نبض البلد -
أحمد الضرابعة
وأنت تستمع إلى ما يطرحه أعضاء في نادي "النخبة السياسية" حول إملاءات الرئيس الأميركي ترامب بتهجير الفلسطينيين إلى الأردن ومصر، ستشعر أنهم يحاولون خلق مناخ وطني يُمهد لتغيير جذري في الموقف الأردني تجاه ذلك، وهو الذي يستند إلى ثلاثة لاءات ملكية حاسمة، ودعم شعبي واسع النطاق.
من منظور الواقعية السياسية، يمكن الوصول بالفعل، إلى رؤية أكثر وضوحًا للفرص والتحديات التي تواجه الأردن، لكن ذلك يتطلب من الجميع، وعيًا عميقًا بخطورة المرحلة الراهنة، وإدراكًا تامًا لخطورة أي خطأ في الحسابات والتقديرات السياسية، وعليه، فإن التهديد بإعادة صوغ الجغرافيا والديموغرافيا الأردنية من خلال التهجير، والضغوطات المصاحبة لذلك، يشكل تحدٍ وجودي بالنسبة للأردن، وهو ما لا تنفع معه حسابات العقلانية والواقعية المفرطة، فالمسألة هنا، مصيرية، لا يمكن علاجها بأدوية اقتصادية، أو مكاسب سياسية ليست مهمة، وبالتالي، ما يجب أن تدركه النخبة السياسية، أن الأردن الذي اعتبر التهجير بمثابة إعلان حرب، لا يملك لحماية أمنه القومي والحفاظ على بقاءه واستقراره، ترف العدول عن موقفه الثابت والرافض لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين إلى أراضيه.
إن الدعوة لإجراء استفتاءٍ لتحديد الموقف الشعبي من طروحات التهجير إلى الأردن، أو الاستمرار في عرض الكلف السياسية والاقتصادية للمواقف الأردنية في هذه المرحلة، محاولات مشبوهة، لا يمكن النظر إليها بحسن نية، وعليه، يجب أن يتم التصدي لمثل هذه المحاولات، بحزم ووضوح.
إن الدور المنتظر من النخبة السياسية، يتجاوز تكثيف الإضاءة على الصعوبات التي ستواجه الأردنيين جراء مواقفهم الثابتة في الدفاع عن بلدهم، بل يتطلب شد العزيمة الوطنية، وتعزيز ثقة المواطنين في قيادتهم ومؤسساتهم، لمواجهة التحديات المصيرية التي تهدد أمن واستقرار الأردن.
لقد سبق للأردنيين أن دفعوا فواتير مواقفهم الداعمة للأشقاء العرب، وبالتالي، فإنهم لن يبخلوا بدفع أكبر الأثمان، في سبيل الحفاظ على وطنهم، واستقراره، ومن يجهل ذلك، فإنه لا يعرف الأردن، ولا الأردنيين.