هل تلتحق الجبهة بالجماعة المنحلة؟

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

مع تورُّط نائب إسلامي في محاولة التخلص من وثائق سرية تَخُصّ جماعة الإخوان المسلمين المنحلّة، يمكن القول إن المهلة التي مُنحت لحزب جبهة العمل الإسلامي لتصويب أوضاعه السياسية بشكل ذاتي، انتهت رسميًا دون أن تُثمر بصدور قرار قيادي للجبهة يفك ارتباطها السياسي والاقتصادي والتنظيمي مع الجماعة المنحلة، وهذا يعني أننا قد نكون على أعتاب استحقاق سياسي حاسم لطالما أُجّل بسبب الرغبة في الحفاظ على التوازنات السياسية القائمة.

كتبت في هذه الزاوية قبل شهرين أنه ما تزال هناك فرصة أخيرة أمام حزب جبهة العمل الإسلامي للخروج من المأزق الوجودي الذي وقع فيه بعد الكشف عن قضية الخلايا الأربع، وأن عليه استغلال هذه الفرصة قبل أن تتراكم فواتير مواقفه الضبابية غير المنسجمة مع الحالة الوطنية، وأن عليه الاختيار بين استئناف مساره السياسي بشكل طبيعي أو التمسك بالالتزامات التنظيمية الدولية والتي لطالما أقحمته في أزمات سياسية محلية، ليفقد بذلك رخصة العمل السياسي في الساحة الأردنية، وهما خیاران صعبان فقبول أحدهما يعني حتمية التضحية في بعض الأدوار والارتباطات ومصادر القوة.

في ذلك الحين، لم يكن خيار حل حزب جبهة العمل الإسلامي مستبعدًا من قائمة الخيارات المتاحة لصانع القرار، بل كان حاضرًا بقوة، إلا أنه كان يتطلب مبررات حقيقية ومباشرة لاتخاذه؛ فرغم حرص الدولة الأردنية على تطويق الامتدادات التنظيمية لجماعة الإخوان المسلمين المنحلة ومنع تمرير أجندتها عبر أي واجهة سياسية محلية تحظى بالشرعية القانونية، إلا أنها عملت على الفصل بينها وبين أي كيان سياسي آخر يرتبط بها، بما في ذلك حزب جبهة العمل الإسلامي الذي يعد الذراع السياسي للجماعة حيث مُنح الفرصة لمراجعة ارتباطاته التنظيمية بهدوء، والعمل على الاستجابة للضرورات الوطنية بشكل يضمن له البقاء في المنظومة السياسية.

إن طوق النجاة الوحيد لحزب جبهة العمل الإسلامي من الأزمة الوجودية التي يمر بها ألقته الدولة الأردنية إليه، حيث لم يُطلب منه سوى إثبات استقلاليته عن التنظيم الدولي الذي ينتمي إليه، وأردنة مساره السياسي وبرنامج عمله، ولكنه بدلًا من الاستجابة لذلك والحفاظ على وجوده، ما زال يفضّل الغوص بعمق في مستنقعات الجماعة المنحلة، متجاهلًا كافة الإشارات التحذيرية التي صدرت عن مؤسسات الدولة، وبالتالي فإنه يملك قرار مصيره، ويبدو أنه قد يلتحق بالجماعة المنحلة ما لم يسارع لإعلان قيامه بمراجعة داخلية جريئة تعيد تعريف موقعه في المشهد السياسي الأردني وتحرره من الإرث التنظيمي الذي أصبح عبئًا عليه أكثر من أي وقت مضى.