أحزاب سياسية خارج الخدمة الوطنية!

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

 

الأحزاب السياسية التي فردت عضلاتها في الشوارع الأردنية طوال شهور الحرب التي شنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، ورفعت لافتة "حماية الأمن الوطني"، لتبرير محاولاتها رمي الأردن في مستنقع نأت جميع الدول العربية والإسلامية عن الغطس فيه، على رأسها إيران التي تقود "محور المقاومة"، تتفاعل بخجل وتواضع مع أخطر فصول الحرب بالنسبة للأردن، وهو تحدي تهجير الفلسطينيين.

 

ففي الوقت الذي يُكرر فيه الرئيس الأميركي ترامب تصريحاته حول حتمية استقبال الأردن ومصر للفلسطينيين من قطاع غزة، وتتصاعد المخاوف من حدوث تسوية للقضية الفلسطينية على الطريقة "الترامبية"، يحتفل حزب سياسي بما أسماه "انتصار المقاومة"، وبعيدًا عن جدلية تعريف نتائج ما جرى، سواء أكان نصرًا أو هزيمة، لم تضع الحرب أوزارها بعد، وهي قابلة للاستئناف، ولم تبرز ملامح اليوم التالي لها حتى الآن، وهو ما سيحدد بشكل حاسم، الرابحين والخاسرين من الحرب التي بدأت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

 

كان من الأولى، وطنيًا، أن يحشد هذا الحزب أعضاءه من جديد في الشوارع لدعم الموقف الرسمي المتقدم في رفض الخطط الأميركية والإسرائيلية، مثلما كانوا يفعلون لإجبار الدولة على فتح الحدود، وإغلاق سفارات الدول، وإعادة فتح مكاتب حركة حماس في عمّان، وعدم الاكتفاء بنشر البيانات أو إطلاق التصريحات الداعمة، والتي لا تُقرأ أو تُسمع إلا تحت عنوان "إسقاط" الواجب الوطني، وليس المبادرة الذاتية للقيام به على أكمل وجه.

 

ما فائدة وجود قوى حزبية وسياسية "أردنية"، تنحاز دون تردد لفصائل وتنظيمات وأنظمة خارجية، وترهن حالها في خدمة مصالحها، بل وتتحمل كلفة الصدام مع الدولة الأردنية في سبيل ذلك، لكنها في الوقت نفسه، تُمعن بكل صراحة في التخلي عن الشأن الوطني الأردني، وتدير ظهرها له، ولا تظهر أي ارتباط بالبلاد التي تنشط على أراضيها، ولا تبدي أي هم على مصيرها؟

 

يجب أن يتم ضمان أردنة الأحزاب السياسية المحلية قبل ترخيصها، للتأكد من التزامها بالمصالح الوطنية الأردنية، ولتعزيز الاستقرار السياسي والاجتماعي في الأردن، ولتكون هذه الأحزاب السياسية جزء من الجهود الوطنية في مواجهة التحديات المختلفة، والتي أكد بعضها بما لا يدع مجالاً للشك، أنها خارج الخدمة الوطنية.