نبض البلد - خلدون خالد الشقران
يعد مشروع "مرسى زايد” في العقبة واحدًا من أضخم المشاريع الاستثمارية في تاريخ الأردن، حيث يعكس طموحًا اقتصاديًا كبيرًا لتحويل المدينة إلى مركز إقليمي في مجالات التجارة، السياحة، والخدمات اللوجستية. يمتد المشروع على مساحة شاسعة تبلغ 3.2 مليون متر مربع، ويشمل عقارات سكنية وتجارية، فنادق، مارينا لليخوت، ومحطة للسفن السياحية. ومن خلال هذا المشروع، يسعى الأردن إلى تعزيز مكانة العقبة كوجهة بحرية وسياحية هامة على البحر الأحمر. لكن بين الطموحات العالية والتحديات المتعددة، يبقى السؤال الأهم: هل يستطيع هذا المشروع تحقيق النجاح المنشود؟
من الناحية الاقتصادية، يحمل "مرسى زايد” الكثير من الأمل للمستقبل. فمن المتوقع أن يسهم المشروع في خلق آلاف فرص العمل، مما يعزز الاقتصاد المحلي ويسهم في تحفيز القطاعات المختلفة مثل البناء، السياحة، والخدمات اللوجستية. أيضًا، يتيح المشروع فرصًا كبيرة في قطاع العقارات، حيث يوفر مساحات سكنية وتجارية تجذب الاستثمار الأجنبي والمحلي. ومع إضافة العديد من الفنادق والشقق الفندقية، يمكن أن يعزز المشروع السياحة في العقبة، وهي صناعة تعد حيوية للأردن بشكل عام.
لكن، يتطلب نجاح هذا المشروع أكثر من مجرد ضخ استثمارات. في البداية، يعتمد القطاع العقاري والسياحي بشكل كبير على الطلب المستدام. وفي حالة العقبة، تبرز تساؤلات بشأن قدرة المدينة على جذب مستثمرين جدد وسكان دائمين، خاصةً في ظل التحديات الاقتصادية العالمية، مثل التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة. وكذلك، قد يواجه قطاع السياحة منافسة قوية من مناطق أخرى في منطقة البحر الأحمر، مثل دبي وشرم الشيخ.
منذ البداية، من المهم أن نضع في اعتبارنا أن نجاح هذا المشروع الطموح يعتمد بشكل كبير على كيفية التعامل مع مجموعة من التحديات المحتملة، أهمها الطلب على العقارات والسياحة. العقبة ليست مدينة ذات كثافة سكانية كبيرة، مما يطرح تساؤلًا حول الطلب على العقارات السكنية والتجارية التي يوفرها المشروع. لذلك، سيكون من الضروري أن تضمن العقبة استراتيجية تسويقية فاعلة لجذب المستثمرين، بالإضافة إلى استراتيجيات مبتكرة لزيادة السياحة السنوية.
العقبة لا تعمل في فراغ؛ فهي تواجه منافسة مباشرة من مدن إقليمية كبيرة مثل دبي وشرم الشيخ. هذه المدن تتمتع ببنية تحتية متقدمة في السياحة والتجارة، مما يتطلب من مشروع مرسى زايد تقديم ميزات تنافسية قوية للتميز في هذه السوق.
بالإضافة إلى التحديات البيئية التي قد تؤثر على تشغيل المشروع، مثل نقص المياه وارتفاع درجات الحرارة، ستحتاج العقبة إلى استثمار في البنية التحتية المستدامة لضمان استمرارية المشروع ونجاحه على المدى الطويل.
و من البديهي أن المشاريع الكبرى تحتاج إلى استقرار اقتصادي وسياسي لضمان جذب الاستثمارات. أي تقلبات اقتصادية أو سياسية قد تؤثر على ثقة المستثمرين، وبالتالي على التقدم والنجاح المستدام للمشروع.
مشروع "مرسى زايد” هو استثمار ضخم يعكس طموحات الأردن في تعزيز مكانة العقبة كمركز اقتصادي إقليمي. لكن النجاح لا يقتصر على ضخ الاستثمارات فقط؛ بل يتطلب تكاملًا في جميع القطاعات الحيوية، من السياحة إلى البنية التحتية.
على الرغم من التحديات الكبيرة، يبقى هذا المشروع فرصة ذهبية للأردن لتطوير بيئة استثمارية جذابة، وزيادة قدرة العقبة على التنافس مع المدن الإقليمية الكبرى. مع التخطيط السليم والقدرة على معالجة التحديات بشكل مبتكر، يمكن أن يكون "مرسى زايد” محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي في المنطقة، ويضع العقبة في مصاف الوجهات الاقتصادية العالمية.