أحمد الضرابعة
إحدى الإذاعات المحلية، المعروفة بإثارتها المتكررة للجدل، يبدو أنها قررت مبكرًا، أن تنحاز ضد المصالح الوطنية الأردنية، في وقتٍ يواجه فيه الأردن تحديات مصيرية بالغة الخطورة، خاصةً بعد أن دعا الرئيس الأميركي ترامب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن، فبدلاً من أن تساهم هذه الإذاعة في دعم الموقف الأردني الرافض لذلك، والانضمام إلى المؤسسات الإعلامية الأخرى في تأدية واجبها الوطني، اختارت العمل على تفريغ الجهود الرسمية والشعبية من محتواها، وبدء نقاشات مشبوهة في هذا التوقيت، حول منافع العدول عن رفض استقبال أي عملية تهجير للفلسطينيين، سواء من الضفة الغربية أو قطاع غزة، وتبرير قبول ذلك بأي صفقة مغرية من الناحية الاقتصادية، حتى وإن كانت قاتلة من الناحية السياسية، والترويج لذلك، تحت لافتة الإمكانات المحدودة والواقع العربي المتردي!
من الواضح أن الرئيس الأميركي ترامب، ليس الوحيد الذي ينظر إلى القضايا والعلاقات الدولية من منظور اقتصادي بحت، فهناك من يختزل القضية الفلسطينية على سبيل المثال، في حسابات اقتصادية ومادية ضيقة، لا تتجاوز مفاهيم "الربح والخسارة" في الأوساط التجارية. لا يملك الأردن ترف النظر إلى القضية الفلسطينية وما يتصل بها، بهذه الطريقة، فهي قضية وجودية بالنسبة له، كونها ترتبط بأمنه الوطني واستقراره، وبالتالي، فإن تذكير الأردن بالفجوة المادية بينه وإسرائيل، وافتقاره للعمق الاستراتيجي العربي الذي يوسّع مساحات نشاطه الإقليمي، ويعزز صلابة مواقفه السياسية، لن يثنيه عن المضي قُدمًا في الدفاع عن بقاءه واستقراره، بكل السبل الممكنة والمتاحة، إن لزم الأمر، وبالتالي، فإنه ليس مبررًا أن يتم عرض الواقع الموضوعي في سياق حث الأردن على التجاوب معه، والرضوخ للضغوطات التي يتعرض لها.
إن هذه المرحلة الحرجة في تاريخ الأردن، تضع الجميع، أمام مفترق طرق، فإما أن يكون الوقوف مع الأردن واضحًا، لا لبس فيه، دون تورية أو مواربة، أو أن يتحمل من يقف على الجانب الآخر، مسؤوليته الأخلاقية والسياسية في تقويض المصالح الوطنية الأردنية، وبالتالي، لا مجال هنا للوقوف في المساحات الرمادية، أو تقديم أنصاف المواقف،أو قول الكلمات المبتذلة، والحث على التردد.
يجب الحذر من أي محاولة إعلامية لتمرير أفكار ومخططات معادية، ولا بد من فضح من يقوم بها ومحاكمته، فالتغريد خارج السرب، لا يخدم المصالح الوطنية الأردنية، بل يساهم في زعزعة الاستقرار وإضعاف الأردن ومواقفه.