نبض البلد - خلدون خالد الشقران
في خطوة استراتيجية فارقة، أطلق جلالة الملك عبدالله الثاني "مجلس تكنولوجيا المستقبل” تحت إشراف سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ليضع الأردن في مقدمة الدول المتقدمة تكنولوجيًا. تأتي هذه المبادرة في وقتٍ حرج يشهد فيه العالم تسارعًا كبيرًا في التحولات الرقمية التي أصبحت من المحركات الرئيسية للاقتصادات الحديثة، كما تمثل الطموح العالمي في تحقيق النمو المستدام من خلال التكنولوجيا الحديثة.
جاء تكليف جلالة الملك بتشكيل المجلس بعد أن لفتت رسالة ملكية لرئيس الوزراء إلى ضرورة تطوير مشاريع نوعية ترتكز على أحدث التقنيات الرقمية لتعزيز عملية التحول الرقمي في مختلف القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة والطاقة والنقل. أبرز جلالته أهمية تحديث التشريعات لتواكب هذا التسارع التكنولوجي، كما شدد على بناء خارطة طريق واضحة ترتكز على مؤشرات أداء قابلة للقياس، مع أهمية دعم المشاريع الحكومية الحالية والارتقاء بمستوى الكوادر البشرية الرقمية لضمان تنفيذ هذه الاستراتيجية بنجاح.
إطلاق المجلس يعد خطوة محورية نحو تحقيق الاستدامة الرقمية التي باتت تشكل ضرورة لا غنى عنها في زمننا المعاصر. سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، الذي يتابع عن كثب هذه المبادرة، أكد مرارًا على دور التكنولوجيا في تحسين بيئة الأعمال وتحفيز الابتكار. الأمير الحسين أشار إلى أن الأردن، من خلال بنية تحتية رقمية قوية وشركات ناشئة رائدة، أصبح من أبرز المراكز الإقليمية في مجال الابتكار التكنولوجي، حيث يحتل الأردنيون مكانة بارزة في تأسيس شركات تقنية في المنطقة. مما يسهم في خلق فرص عمل وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.
ومع هذه الفرص الواعدة، لا يزال هناك تحديات ماثلة أمام تحقيق هذه الرؤية الطموحة. التحدي الأبرز يكمن في ضرورة تحديث التشريعات لتواكب السرعة المتزايدة للتطور التكنولوجي على الصعيدين المحلي والعالمي. من الضروري أيضًا أن تعمل المملكة على بناء بنية تحتية رقمية مرنة وقوية تكفل تسريع تبني الابتكارات الحديثة في مختلف القطاعات. كما أن تفعيل الشراكات الاستراتيجية مع القطاع الخاص، المحلي والدولي، سيكون له دور كبير في تسريع هذه المبادرة وضمان نجاحها.
وفي خضم هذه التحديات، تأتي أهمية "مجلس تكنولوجيا المستقبل” كحجر الزاوية في استراتيجية المملكة للريادة التكنولوجية في المنطقة. سيعمل المجلس على تسريع عملية التحول الرقمي من خلال تبني أحدث التقنيات، واستثمار الطاقات الشبابية، بالإضافة إلى ضمان التفاعل الفعال بين الحكومة والقطاع الخاص. من خلال هذه الخطوات، سيتبوأ الأردن مكانة بارزة في الثورة الرقمية، ويصبح في قلب التحولات التكنولوجية العالمية، ما يعزز مكانته الإقليمية والدولية ويؤهله ليكون من أبرز اللاعبين في هذا المجال.
لا شك أن الأردن، بكل إمكاناته البشرية والتقنية، يمتلك القدرة على تعزيز هذا التحول الرقمي الشامل. "مجلس تكنولوجيا المستقبل” يعد انعكاسًا لتوجه الدولة نحو الاستفادة من تكنولوجيا المستقبل لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة، ليكون الأردن مثالاً يُحتذى به في المنطقة والعالم في مجالات الابتكار الرقمي والاستدامة.
بهذا التوجه، سيواصل الأردن مسيرته في استثمار الفرص التكنولوجية المتاحة لتحقيق طموحاته الكبرى في تحقيق الاقتصاد الرقمي المستدام، مما يساهم في تعزيز التنافسية الوطنية وتوفير بيئة مناسبة للأعمال والشركات الناشئة.