أمام رئيس الوزراء المكلف الدكتور جعفر حسان فرصة ذهبية ليحقق تحول جذري في عمل الحكومات الأردنية وعلاقتها مع مؤسسة البرلمان، والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، والناس، إذا ما استثمر التحولات الحاصلة في الشأن المحلي، من وجود مجلس نيابي سواده الأعظم من الأحزاب، والنواب الجدد، الراغبين في تسويق أنفسهم، وإثبات أن المرحلة التي راهن عليها جلالة الملك تؤتى ثمارها.
الدكتور حسان، الذي بدأ فور تكليفه برئاسة الوزراء بلقاء أحزاب الميثاق وإرادة وجبهة العمل الإسلامي، بهدف بحث ملامح المرحلة المقبلة، واستمع لملاحظاتهم، وتحديدا في تحسين جودة معايير اختيار فريقه الوزاري إن أراد أن ينجح في مهمته، قد يساعده هذا الأمر في البناء عليه لعلاقة تخدمه بالمرحلة المقبلة، وتحقق الغاية من التحديث السياسي التي تقوم على أساس التعددية، التي عنوانها الخدمة العامة لهذه البلد، بل تخفف من حدة المطبات التي قد يواجهها عند ادارة السلطة التنفيذية، حتى يتسنى له العمل بهدوء وفق برنامج دون معيقات تنطلق من فردية العمل بدلا من التشاركية.
الدكتور حسان ليس شخصية خلافية، وهويته اقتصادية، ومنبعه من الديوان الملكي، إذ أنه مطلع عن قرب على كافة الملفات الهامة، بل مشارك رئيسي في صنعها لقربه من مقر اتخاذ القرار، وهي ذات الصفة التي كان يتميز بها رئيس الوزراء السابق الدكتور بشر الخصاونة، فهل يستطيع الرئيس المكلف أن يحقق اختراقا أكبر في هذا الإطار، حيث لا يحتاج إلى الوقوف مليا على الملفات الرئيسية، وقادر على تحديد الأولويات التي تحتاجها الدولة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.
وما يتميز به الدكتور حسان أن يأتي مدعوما بعامين من العمل ثلاثة مشاريع إصلاح، حيث انجز جزءا لا بأس فيه بمشاريع الاصلاح السياسي، والاقتصادي، والإداري، وكل ما هو مطلوب منه إعادة ترتيب الأوراق، واختيار فريق وزاري قادر على تحسين المنجز، وتجويده، والإسراع في تنفيذه.
ولما لمرحلة البداية للرئيس المكلف ميزات، فبالتأكيد هناك تحديات كبيرة، على رأسها الوضع الاقتصادي، الذي يتأزم في ضوء أحوال المنطقة الأمنية، ومواصلة الحرب على غزة واستهداف الضفة، وتوسيع الحرب على لبنان، وهو التأثير الأبرز الذي تتعرض له المملكة منذ أكثر من عام، إذا ما استثنينا تبعات الحرب الروسية الأوكرانية.
كما سيواجه مقاومة من مجلس النواب، الذي أغلب وجوهه جديدة، حزبية أو مستقلة، وسيحاول هؤلاء اثبات أنفسهم عبر مناكفة الحكومة، وتشكيل صورة للمعارض الشعبوي، ناهيك عن أن الكتلة النيابية الأكبر هي لجبهة العمل الإسلامي، وذلك سيكشل حائط صد أمام علاقة الرئيس المكلف مع مجلس النواب. كما يواجه أزمة قرار حكومة الدكتور بشر الخصاونة الخاص برفع الضريبة على سيارات الكهرباء والدخان وسط مطالب شعبية بتعديله.
ورغم كل ذلك، فإن الرئيس المكلف يجب أن يفك رموز كل ذلك، حتى يتمكن من المضي قدما، في مرحلة بقدر صعوبته، فإن فيها ملاذات آمنة له.