د. خليف احمد الخوالدة

الخوالدة يكتب: تساؤلات سببها غياب الوضوح!

نبض البلد -
يتداول في وسائل الاعلام أن الحكومة قد صرحت أنها قد أنجزت ٩٠٪؜ من أولويات خطة تحديث القطاع العام المقرة لعام ٢٠٢٣، وأن من أبرزها - حسب تصريح الحكومة - أتمتة ٤٩٪؜ من الخدمات الحكومية وتفعيل ٩٠٠ ألف هوية رقمية وإنشاء هيئة الخدمة والإدارة العامة.

اعتبرت الحكومة إنشاء هيئة الخدمة والإدارة العامة وكذلك تفعيل الهويات من بين أبرز ثلاثة إنجازات لخطة تحديث القطاع العام خلال العام ٢٠٢٣. ألا يوجد ما هو أبرز من استحداث الهيئة وتفعيل الهويات؟

والتساؤل هنا هل يُعد إنشاء هيئة الخدمة والإدارة العامة إنجازًا؟ وكذلك هل يُعد تفعيل الهويات انجازا؟ وهذا التساؤل يسري على البنود الشكلية في خطة التحديث. 

إذا كانت الحكومة قد تمكنت بالفعل من أتمتة ٤٩٪؜ من الخدمات الحكومية خلال عام ٢٠٢٣، فما نسبة الخدمات الحكومية التي تمت أتمتتها قبل عام ٢٠٢٣؟ ويمتد التساؤل إلى ما نسبة ما أتمتته الحكومة خلال هذا العام ٢٠٢٤ لغاية الآن؟ وماذا بقي من الخدمات الحكومية التي تحتاج إلى أتمتة خلال الأعوام القادمة؟

والسؤال المفصلي هل لدى الحكومة إحصائية عن عدد الخدمات الحكومية بالكامل حتى تصل لنتيجة مفادها أنها حقا أتمتت ٤٩٪؜ منها. وإذا بالفعل تم أتمتة ٤٩٪؜ من الخدمات بشكل مكتمل خلال عام ٢٠٢٣، فهي بكل تأكيد تستحق جوائز عالمية على هذا الإنجاز غير المسبوق. 

والتساؤل الذي قد يثير الاستغراب لدى الجميع، ما معنى أتمتة ٤٩٪؜ من الخدمات الحكومية خلال عام واحد؟ 

بمعنى هل لنا أن نتخيل حجم العمل والإجراءات والوقت والتكاليف وبقية المتطلبات اللازمة لأتمتة هذا الكم الهائل من الخدمات خلال عام ؟ أم هل المقصود ما تمت أتمتتها لغاية نهاية العام ٢٠٢٣؟ الأمر يحتاج إلى وضوح وتوضيح. 

تحقيق نسبة انجاز ٩٠٪؜ من خطة التحديث لها معنيان لا ثالث لهما. المعنى الأول هو أننا قد وصولنا مرحلة متقدمة في تحديث القطاع العام وهذا ما نتمناه. وإذا كان كذلك، فالمفروض أن يلمس الناس ثمار ذلك منذ بداية هذا العام.

المعنى الآخر أن معظم الأوليات أو على الأقل المنجز منها هي أمور شكلية لا تقدم ولا تؤخر وبالتالي رفعت نسبة الانجاز الى ٩٠٪؜ ولكنها في حقيقة الأمر لا تستحق أن يطلق عليها وصف إنجاز. 

السؤال المهم هل واقع الحال يدل على هكذا نسبة إنجاز مرتفعة؟ ذلك لأن مثل هذه النسبة المرتفعة تعني أننا انتقلنا إلى وضع متقدم جدا، فهل منا من لمس أو يلمس هذا الوضع؟ وهل من الممكن ذكر نسبة ١٠٪؜ من الأولويات  التي قصر عن تحقيقها الاداء وبالتالي لم يكتمل الإنجاز؟

اقترح على الحكومة أن تتجنب الحديث بعموميات وشكليات خصوصا في مجال التحديث. لهذا، نأمل من الحكومة أن تذكر للناس مثلا أبرز خمسة إنجازات تحققت في عام ٢٠٢٣ أو حتى لغاية الآن غير إنشاء الهيئة وتفعيل الهويات. 

وهل لها أن تذكر جميع الإنجازات في قائمة موحدة يفهمها الناس وتنشرها في وسائل الإعلام وعلى الموقع الالكتروني لرئاسة الوزراء حتى يدرك المواطن الحجم الفعلي والقيمة الحقيقية لهذه الإنجازات.

لابد من الوضوح الحكومي والتوضيح لكي يأخذ الأمر حجمه الحقيقي وتتضح الصورة فيما إذا ما صُنف على أنه أولويات تحديث هو بالفعل أولويات. 

وفي سياق متصل، فأن الحديث بشكل عام له قواعد وأصول إذ تحكمه ضوابط من حيث الأسلوب والمضمون. 

الموقف وكذلك المركز الوظيفي للمتحدث يحددا مستوى حديثه ومقاصده وأركانه ومفاصله وأسلوبه فكما يقال "لكل مقام مقال". وهذا يعني ضمان قيمة الطرح وجزالته ورفعته مع جمال المدخل والأسلوب. 

فعلى سبيل المثال، الحديث في حضرة الملوك والأمراء، له قواعد وأصول من حيث المحتوى والأسلوب وطريقة الجلوس ولغة الجسد والحركة وحتى نبرة الصوت.

كما أن حديث المسؤول أيضا له قواعد وأصول من حيث المستوى والمضمون والأسلوب دون تقصد فئات أو استهداف أشخاص إذ يخلو حديث المسؤول تماما من أي ردود فعل انفعالية على وجهات نظر مغايرة ذلك حتى لا ينشغل بمعارك وهمية على حساب ما لديه من مهام جسام.

خلاصة القول، المسؤول مسؤول بكل ما يتلفظ به من قول أو ما يبدر عنه من تصرف أو سلوك. وبطبيعة الحال، هذه القاعدة تسري على ما يصدر عنه من تصريحات. ولهذا السبب سُمي "مسؤول".