د.أنور الخُفّش يكتب : التنوُّع قوة مسار نحو تحديات الألفيَّة الثالثة

نبض البلد -
نبض البلد -كَثُر الحديث عن أزمة إدارة الدول ، عند مناقشة طُرق معالجة الأزمات المتعددة في عصر من التقلُّبات والتي إعتبرتها بعض القوى ذريعة أو مدخل لبحث العَقد الإجتماعي الجديد والنهضة ثلاثية الأبعاد (السياسية والإجتماعية والإقتصادية) بوابته تماسُك التنوُّع المجتمعي بإعتبار تضامن وتكافل المجتمع قوة مسار جديد من العمل السياسي  لتطوير وبناء رؤية إصلاحية  ثقافية إجتماعية نحو مواجهة تحديات الألفية الثالثة ، كعهد نهضوي منشود يحقِّق أهداف فهرس التنمية المُستدامة وِفق الأجندة التنموية للألفية الثالثة . الحراك الفكري للعهد النهضوي الحديث لأردن الغد جاء بمبادرة وقيادة هاشمية من جلالة الملك عبدالله الثاني من أجل خدمة الأمة وأبناء الوطن من مختلف الأعراق والديانات وجميع المناطق بدون تمييز تعزيزاً لقيم المواطنة بتساوي الحقوق والواجبات . 
 الأمر الذي يوفِّر أفضل بيئة سياسية وإجتماعية بحيث يشعر الجميع أنهم رابحين ، ويُمكِّن الحكومات من الإستخدام الأمثل لجميع الموارد البشرية والإمكانيات والقدرات الذاتية وتوظيفها في مواجهة التحديات ومعوقات التنمية بفِكر وموقف وعمل موحَّد على أرض الواقع نحو طريق التقدُّم وتعميق مسار التعاوُن والتعاضُد المجتمعي . إن أساس قيام الدولة العادلة هي تعزيز المواطنة وسيادة القانون والمؤسسية كركيزة لشكل وطبيعة أحكام الإدارة العامة وبناء أُسس المواطنة الفاعلة والتمسُّك بقيمة رأي المواطن كحقّ دستوري كونُه مواطن فقط والتحوُّل بل التخلِّي عن رأي النخبة. على إعتبار أنه طريق سالك للوصول الى رأي الناس من خلال تفعيل فكرة المواطنة الصالحة بذلك يمكننا القول بأن المشروع النهضوي الوطني في الطريق الصحيح طالما يُلامس إحتياجات الناس ويعمل على تحسين مستوى معيشتهم  .

من الصعب بل من المستحيل الرُكون على جماعات صغيرة متفرقة يعيش بعضها في عزلة وغفلة عن بعضها الآخر ، في بناء وإدارة الدولة. إن تجمَّعت تستطيع أن تستغل طاقات مجتمعية وموارد الوطن من خلال العمل الجماعي والأحزاب الفاعلة متجاوزين النُخب والشلليَّة والمنافع المتخادمة والمتبادلة. إن كل إنسان فاعل في إتصال وثيق وتفاعُل مكثَّف ودائم وحركة نَشِطة يستغلُّون من طاقة الوطن ومواردها لنجعل هذا التحوُّل والتحديث السياسي منظومة عمل في حُظوظ وصالح الجميع من خلال رفع القدرات لشبكتنا السياسية الإنسانية لتكون رؤية للتاريخ القادم في الألفية الثالثة تبرز أنماط التعاون بدل الصراع مع كافة الثقافات والجماعات والأحزاب المختلفة من خلال شبكات التواصل والتفاعل التي تشكَّلت بنقل الأفكار والطموحات والتقنيات ودمج القدرات المعرفية في شبكة وطنية موحدة وبتعاونهم نحو تحقيق الأهداف الإنسانية العظيمة .
التحدِّي الحقيقي هو تحفيز وتفعيل العمل الجادّ في البحث العلمي والتطوُّر المعرفي المُنتِج لمواجهة تطورات وتحديّات المستقبل الذي نريد؟ المستقبل مِلك لمن يستطيع هندسته وتصميمه والتكيُّف مع معطياته وبناء وإبداع أدواته ومحرِّكاته بأفكار لجيله القادم (شباب المستقبل) والمرأة التي بَنت هذا الجيل . قيادة المستقبل تحتاج لعقل ومنطق يُبنى على فِكر المفاضلة ومنطق ميزان الذهب بتحديد الخاسرين والرابحين عند الإحتكام لأمر ما أو قانون أو سياسة مالية أو إقتصادية ودراسة نتائجها وآثارها الإجتماعية والتفكير الناجح مع مراعاة العمل بنزاهة مطلقة وبشفافية وإلتزام شرف الخدمة العامة بصدق وأمانة مع ضمان آلية مؤسسية للمحاسبة والمسائلة.
إن العمل بأقصى جهود الشعب الأردني بفتح آفاق التنمية والديموقراطية الإجتماعية ذات الخصائص الوطنية الجامعة يعتبر من أهم عوامل نجاح الحوكمة الرشيدة وأحد محركات صيانة الأمان للميثاق الإجتماعي وضمانة للسلم المجتمعي. من خلال الإنتقال لحالة ثقافية تأمين المصالح الجامعة للمعادلة الراهنة لأي نظام من الأمن والديموقراطية السياسية وتأمين الحقوق الإقتصادية الى آلية عمل مستقبلية من خلال بناء أسس الدولة الوطنية المدنية الديموقراطية المفيدة وضمان الشراكة الوطنية المتساوية كمواطنين فقط . مع ضرورة إبراز الإهتمام الدولي لما يجري  في بلدنا من تغيُّرات معاصرة ستكون إسهاماً لدور الحالة الثقافية الإرتكازي والنموذج في الإستقرار السياسي في الإقليم والسِلم العالمي. الأمر الذي يُعتبر ويسجَّل كإسهام مهم لخدمة الإنسانية التي ستجذب الإهتمام المتزايد من المجتمع الدولي وبالإيمان الراسخ بدور القيادة الهاشمية والأردن بشعبه في المعادلة السياسية الدولية .
غنيُّ عن الذكر ، أن من أقام النهج القديم لا يمكنه أن يُنتِج جديداً في عصر العولمة والمعرفة والعلم والإعلام هما القوة الأعظم مع الإدراك أنه لا توجد قوة في العالم قادرة أن توقف فكرة حان وقتها ويتقبلها الناس ، الإرتقاء بالعلم والتعلُّم وحده قادر على إيجاد الوعي الجماعي والإعلام الآن مثل الإقتصاد والسياسة وهو أحد أهم مفاتيح قيام وسقوط الدول والحضارات ويسمّى بالقوة الناعمة ومن يسيطر على الإعلام يسيطر على العقول ويتحكَّم بالجغرافيا المجتمعية وصناعة الرأي العام بل وصناعة وتوجيه الأحداث والعمل على إستغلال الإختلالات الداخلية الإجتماعية وتعظيم المشاكل من خلال برامج التفكيك الذهني والسيطرة الفكرية والإكثار من المفاهيم الخاطئة وتكرار الأكاذيب كما أن سياسة كي الوعي بالوضع الإقتصادي المُقلق والفقر والبطالة والفساد بيئة تنتج تيارات متطرفة .

السؤال الجوهري وفي الإجابة تكمُن الطمأنينة أنه لايوجد بيئة ثقافية أو إيديولوجية حاضنة لداعش في الأردن. إن ظهور داعش المفاجئ أحياناً ، لم يكن نتيجة تيار أيديولوجي شعبي أو حالة سياسية إسلامية بل حوادث ظرفية ومؤقتة. نعم ، لابد من إيجاد البدائل المفقودة من حُسن إدارة العمل الإعلامي الحكومي وتقديم رسائل وبرامج معرفية لجيل الشباب خاصة .

الرئيس التنفيذي / مرصد مؤشر المستقبل الإقتصادي
anwar.aak@gmail.com